أعلنت سلطنة عُمان في 6 مايو 2025 عن نجاح وساطتها في التوصل إلى اتفاق هدنة بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة الحوثيين.

وجاء هذا الاتفاق بعد تصعيد غير مسبوق في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث شنت جماعة الحوثي منذ أواخر عام 2023 سلسلة هجمات على السفن التجارية، ما أثر سلبا على إيرادات قناة السويس.


بنود اتفاق الهدنة بين الأمريكان والحوثيين 

نص الاتفاق على وقف الولايات المتحدة لحملتها الجوية ضد مواقع الحوثيين في اليمن، وهي الحملة التي أُطلقت في مارس 2025 تحت مسمى “عملية الراكب الخشن”، وأسفرت عن مقتل ما يزيد عن 500 عنصر من الجماعة وفق تقديرات أمريكية.

في المقابل، وافق الحوثيون على التوقف عن استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر، وهو ما يُعد خطوة أولى نحو خفض التصعيد العسكري في المنطقة.

ورغم هذا التفاهم، أكدت جماعة الحوثي أن الاتفاق لا يشمل إسرائيل، ما يعني استمرار الهجمات الحوثية على السفن المرتبطة بها.

قناة السويس قناة السويس
قناة السويس

تأثير الهجمات على إيرادات السويس

الهجمات الحوثية منذ عام 2023 تسببت في تحويل مسار عدد كبير من السفن التجارية إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر كلفة، لتفادي المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس.


هذا التحول في مسارات الشحن أدى إلى تراجع واضح في حركة المرور داخل القناة، وبالتالي انخفضت إيراداتها بشكل كبير.

فقد سجلت قناة السويس خلال العام المالي 2023/2024 إيرادات بلغت 7.2 مليار دولار فقط، مقارنة بـ9.4 مليار دولار في العام السابق، أي بانخفاض يُقدّر بـ23.5%.

كما انخفض عدد السفن المارة بالقناة من 25,911 إلى 20,148 سفينة، ما يُظهر حجم التأثير الاقتصادي المباشر للهجمات على حركة الملاحة الدولية.

الهدنة بين الحوثيين وأمريكا ستسهم في استقرار الملاحة البحرية وتعزز إيرادات قناة السويس

أكد الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لـ”الحرية” أن الهدنة بين الحوثيين وأمريكا ستكون خطوة مهمة نحو تهدئة التوترات في منطقة البحر الأحمر، مما سيسهم في استعادة حركة السفن والملاحة في المنطقة بشكل طبيعي.


وأضاف رؤوف أن هذه الهدنة ستؤدي إلى استقرار في الملاحة البحرية، كما ستعزز الموانئ اللوجستية التي تُشيدها الإمارات على الأراضي المصرية في البحر الأحمر، مما سيسهم في زيادة تدفقات الأموال بشكل كبير، حيث تمتلك مصر 15% من مشروع هذه الموانئ.

وأشار رؤوف إلى أنه لا يوجد أي مشكلة في تأمين قناة السويس أو استعادة الثقة بها، لكن الأهمية تكمن في تهدئة الوضع في البحر الأحمر من جهة اليمن، لأن السفن تواجه صعوبة في دخول هذا المضيق للوصول إلى قناة السويس.

الهجمات الحوثية قلّصت إيرادات قناة السويس ورفعت الدولار إلى 50 جنيهًا

وقال الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد في عدد من الجامعات المصرية ورئيس الوحدة الاقتصادية بمركز التحرير للدراسات والبحوث، في تصريح خاص لـ”الحرية“، إن الهدنة بين الولايات المتحدة والحوثيين تعتبر “هشة”، متمنيًا أن تستمر حفاظًا على سلامة حركة التجارة الدولية.

وأوضح العمدة أن الهجمات التي يشنها الحوثيون تمثل تهديدًا مباشرًا للملاحة العالمية، وكانت مصر من أكبر المتضررين، حيث أثرت هذه الهجمات على إيرادات قناة السويس، وهو ما انعكس بدوره على ارتفاع سعر الدولار في مصر، سواء في السوق الرسمية أو السوداء، حيث قفز من 40 إلى 50 جنيهًا.

وأضاف أن “الهدنة الحالية تظل غير مستقرة وهشة، نظرًا لأن جماعة الحوثي تعتبر أداة بيد إيران”، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى إلى تحقيق تهدئة في الشرق الأوسط من خلال صفقات تجارية مع دول الخليج.


وأكد العمدة أن هيئة قناة السويس بدأت بالفعل في التواصل مع شركات الملاحة العالمية التي كانت قد غيرت مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، من أجل إقناعها بالعودة للمرور عبر القناة السويس، وهو ما سيساهم في تعافي الإيرادات الدولارية لمصر خلال الفترة المقبلة.

. .95p7