تحديات الانقسام في ليبيا: كيف تهدد الفجوات السياسية مستقبل الاستقرار والتنمية

تحديات الانقسام في ليبيا: كيف تهدد الفجوات السياسية مستقبل الاستقرار والتنمية

تشهد الساحة السياسية الليبية انقسامًا حادًا، يبتسم بأزمة حقيقية تعكس عمق الصراع على السلطة في بلاد تعاني من عدم الاستقرار. يمثل هذا الانقسام، خصوصًا في المجلس الأعلى للدولة، صورة مصغرة للواقع السياسي المتازم في ليبيا، والأبعاد الدولية المعقدة التي تلاحق جهود الحل.

1. صراع رئاسة المجلس الأعلى للدولة

منذ أغسطس الماضي، تصاعدت حدة الخلافات حول رئاسة المجلس، حيث أصبح الصراع بين محمد تكالة، المقرّب من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وخالد المشري، المتحالف مع مجلس النواب ورئيسه عقيلة صالح، على أشده. حاول كل طرف استنادًا إلى أحكام قضائية متباينة تعزيز شرعيته، رغم محاولات التوصل إلى توافق عبر انتخابات جديدة. في فترة حساسة، اكتسب تكالة الرئاسة بعد حصوله على 59 صوتًا من أصل 95، بينما قاطع المشري الاقتراع، مؤكدًا على عدم جدوى النتائج.

2. مستقبل المجلس ودوره في العملية السياسية

رغم اعتراف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بانتخابات المجلس علانية، مشيرةً إلى أنها جرت في “ظروف طبيعية وشفافة”، تبقى الأسئلة ملحّة بشأن مستقبل المجلس وأثره على المسار السياسي. الدكتور رمضان هلالة، المحلل السياسي، يؤكد أن الانقسام داخل المجلس يُعد “استمرارًا لحالة الشلل المؤسسي”. وقد أدرك قطاع واسع من الليبيين أن الاعتماد على المجلسين (مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة) لم يعد الخيار الأمثل في القيادة.

3. خيارات البعثة الأممية وضرورة التغيير

يبرز تفسير هلالة أن دعم البعثة الأممية لتگالة ينذر بنهاية أي اتفاقات سابقة بين المشري وصالح، ما يزيد من تصاعد الخلافات بين المجلسين. بينما يتجه المجتمع الدولي، خصوصًا البعثة الأممية، نحو خيار تشكيل لجنة حوار وطني ومجلس تأسيسي جديد بآليات توجيه دولية. وعليها إثبات قدرتها على التأثير في هذه المرحلة الحساسة، إذ يُنتظر منها رسم خريطة طريق واضحة وتجاوز حالة القلَق السائدة، خاصة مع تزايد الضغوط الشعبية.

أقرأ كمان:  «بشرى سارّة للسائقين » أسعار البنزين اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025

4. آراء متباينة حول الانتخابات

تتباين آراء المحللين حول تأثير الانتخابات على المسار السياسي. المحلل السياسي محمد محفوظ يرى أن انتخابات المجلس كانت الخيار الوحيد لإنهاء عام من الانقسام الحاد. ويعتبر أن اللحظة الحالية قد تُنهي أي فرصة للتوافق بين المشري وصالح لتشكيل حكومة جديدة. بينما الناطق السابق للمجلس الأعلى، السنوسي إسماعيل، يحذر من أن الانتخابات أثارت جدلاً قانونيًا واسعًا، مشيرًا إلى أن الخلافات القانونية غالبًا ما تصل إلى المحاكم، مما يترك الأزمة مستمرة.

5. الديناميكيات الإقليمية والدولية

تُشكّل الأحداث السياسية في ليبيا جزءًا من مشهد أوسع يتداخل فيه دور القوى الإقليمية والدولية. وتحاول البعثة الأممية تحقيق التوازن بين التواصل مع المجلسين، والدعوة لتوسيع الحوار ليشمل أطرافًا أخرى، وسط خشية من تعقيد الحياة السياسية إذا ما استمر الاقصاء والانقسامات. إن تحقيق تقدم حقيقي يتطلب من المجتمع الدولي دعم استراتيجيات فعلية تُرجى منها تغيير الواقع الراهن.

الخاتمة

في النهاية، يظل المستقبل السياسي في ليبيا معلقًا بين أفق من الأمل وطيف من القلق. إن وحدة القوى الداخلية والخارجية قد تُملي على أزمة سياسية مستعصية، تتطلب التمخض عن حلول جديدة، بعيدًا عن نماذج الانقسام الفاشلة. التحدي الأكبر الآن هو كيفية إدارة الأزمة السياسية بشكل فعّال يمكّن البلاد من الوقوف على أبواب السلام والاستقرار المنشود.

[widget_list 3]

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *