أعلنت شركة أوبن إيه آي، المطوّرة لروبوت المحادثة الشهير شات جي بي تي، عن إطلاق متصفحها الجديد “أطلس”، لتدخل بذلك في منافسة مباشرة مع “غوغل” كروم، المتصفح الأكثر استخداماً حول العالم.
وقالت الشركة الأميركية إن المتصفح الجديد سيكون متاحاً أولاً على أجهزة ماك، على أن يصل لاحقاً إلى أنظمة ويندوز وiOS وأندرويد، في إطار خطة توسّع تهدف إلى جعل الذكاء الاصطناعي بوابة المستخدمين الأساسية إلى الإنترنت.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تغيّر طريقة تصفح الإنترنت بالكامل، إذ يتيح “أطلس” للمستخدمين البحث والتفاعل مع الويب من خلال واجهة محادثة ذكية، بدلاً من شريط العناوين التقليدي، بحسب تقرير نشرته وكالة “أسوشيتد برس” واطلعت عليه “العربية Business”.
وبهذه الخطوة، تراهن “أوبن إيه آي” على تحويل شات جي بي تي إلى منصة بحث متكاملة، ما قد يعيد تشكيل سوق الإعلانات الرقمية الذي تهيمن عليه “غوغل” منذ سنوات.
تحدي العمالقة
وصف سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، إطلاق المتصفح بأنه فرصة تحدث مرة كل عقد لإعادة تعريف مفهوم التصفح واستخدام الإنترنت، لكنه أقرّ بأن المنافسة مع “غوغل” لن تكون سهلة.
اعتبر المحلل في مؤسسة “فورستر”، بادي هارينغتون، أن التحدي أمام “أوبن إيه آي” كبير، قائلاً: “منافسة غوغل التي تسيطر على حصة سوقية ضخمة مهمة صعبة للغاية”.
ويأتي إطلاق المتصفح بعد أشهر من تصريحات مسؤول في “أوبن إيه آي” أبدت فيها الشركة اهتماماً بشراء متصفح كروم لو أجبرت “غوغل” على بيعه ضمن قضية احتكار رفعتها وزارة العدل الأميركية.
غير أن المحكمة رفضت ذلك المقترح، معتبرة أن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي غيّر بالفعل ملامح المنافسة الرقمية.
ابتكار يتجاوز “التبويب”
ويقدم متصفح “أطلس” ميزة جديدة تُعرف باسم “وضع الوكيل” (Agent Mode)، والتي تتيح للمساعد الذكي تصفح المواقع والبحث عن المعلومات نيابة عن المستخدم، مستخدماً سجل التصفح واهتماماته لتقديم نتائج مخصصة وشرح خطواته أثناء العمل.
علق ألتمان قائلاً: “التبويبات كانت اختراعاً رائعاً، لكن منذ ذلك الحين لم نرَ ابتكاراً حقيقياً في عالم المتصفحات.. الآن حان الوقت لذلك”.
مخاوف الخصوصية والمصداقية
يرى محللون أن هذا المستوى من التخصيص قد يثير مخاوف حول الخصوصية ودقة المعلومات.
وقال هارينغتون: “قد يكون الأمر مخيفاً، هل ما تراه هو فعلاً ما تبحث عنه، أم ما يريد الذكاء الاصطناعي أن تراه؟”.
وتشير دراسة أجراها اتحاد الإذاعات الأوروبية (EBU) إلى أن نحو نصف إجابات أبرز المساعدين الأذكياء، ومنهم شات جي بي تي و جيميني، كانت تحتوي على معلومات ناقصة أو غير دقيقة.
كما تواجه “أوبن إيه آي” قضايا من وسائل إعلام أميركية كبرى، من بينها “نيويورك تايمز”، تتهم الشركة بانتهاك حقوق النشر، في حين لجأت وكالات أخرى مثل “أسوشييتد برس” إلى توقيع اتفاقيات ترخيص للمحتوى.
سباق الذكاء الاصطناعي مستمر
ويأتي إطلاق “إطلس” في وقت يشهد فيه الإنترنت تحولاً جذرياً، إذ تُظهر استطلاعات الرأي أن أكثر من 60% من الأميركيين، و74% من فئة الشباب دون الثلاثين، يعتمدون على الذكاء الاصطناعي في البحث عن المعلومات على الأقل بين الحين والآخر.
وبينما تستمر “غوغل” في دمج تقنيات جيميني في متصفحها كروم، يبدو أن معركة الجيل الجديد من المتصفحات ستكون حول من يستطيع أن يجعل الذكاء الاصطناعي أقرب إلى المستخدم وأكثر فهماً له.