
في بعض الأحيان، لا يكون الغرور مجرد سلوك سطحي نابع من التكبر، بل قد يكون عرضًا نفسيًا معقدًا يخفي خلفه اضطرابًا عميقًا يُعرف باسم “وهم العظمة”. هو أكثر من مجرد تضخم في الذات، فهو اعتقاد راسخ وغير منطقي بأن الشخص يمتلك صفات خارقة أو مكانة لا تمس، رغم غياب أي دليل واقعي على ذلك.
وفقًا لتقرير نُشر في موقع health فإن وهم العظمة لا يُعد حالة مستقلة في الغالب، بل يأتي كأحد أعراض اضطرابات ذهانية مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب، وأحيانًا يظهر ضمن اضطرابات الشخصية أو نتيجة لتعاطي بعض المواد. هذا الوهم يجعل صاحبه يرى نفسه كشخصية استثنائية لا تُقارن، وقد يعتقد أنه يمتلك قدرات نادرة أو رسالة كونية فريدة.
أنماط
تتعدد صور هذا الاضطراب بشكل كبير. فهناك من يظن أنه يتمتع بقوى خارقة كالرؤية المستقبلية أو الشفاء الروحي. وآخرون يعتقدون أنهم شخصيات تاريخية عائدة، أو أصحاب نفوذ عالمي خفي. البعض يشعر بأنه مُنقذ للبشرية أو مختار من قوة عليا، بينما يتخيل آخرون أنهم لا يُهزمون جسديًا ولا يمسهم ضرر.
أعراض لا يجب إغفالها
الأشخاص المصابون بوهم العظمة يظهرون سلوكيات خارجة عن المألوف، من بينها:
تمسك شديد بقناعات غير قابلة للنقاش
تجاهل مستمر للأدلة المناقضة لأفكارهم
ميول للسيطرة
مشاعر مبالغ فيها بالقوة، أو الامتناع عن تلقي المساعدة
صعوبة في الحفاظ على علاقات صحية بسبب الاعتقادات الذاتية المتضخمة
من أين يبدأ هذا الخلل؟
لا يوجد سبب واحد معروف لهذا الاضطراب، لكنه غالبًا ما يرتبط بعدة عوامل مثل:
تاريخ عائلي يعاني من اضطرابات عقلية
خلل في كيمياء الدماغ وخاصة في إفرازات الدوبامين
الصدمات النفسية العنيفة أو الإهمال العاطفي
بعض الإصابات الدماغية أو التأثيرات الدوائية
اضطرابات الشخصية، خصوصًا النرجسية
خطوات التشخيص والعلاج
يُشخَّص وهم العظمة من خلال مقابلات نفسية وتحليل أنماط التفكير والسلوك. يعتمد العلاج على:
الأدوية المضادة للذهان لضبط الاستجابات العقلية
جلسات العلاج المعرفي السلوكي لمساعدة المريض على إعادة تقييم معتقداته
في الحالات الشديدة، قد يُلجأ إلى العلاج تحت إشراف طبي مباشر
من المهم أن يكون العلاج تدريجيًا ومبنيًا على بناء ثقة حقيقية مع المريض.
هل هناك سُبل للوقاية أو التقليل من الأثر؟
لا يمكن دائمًا منع الإصابة، ولكن الكشف المبكر والعلاج المستمر يقللان من خطورة تطور الأعراض. كما أن الدعم الأسري والبيئة المستقرة العاطفية يسهمان في الحد من تفاقم الأوهام.
بين الخيال والاضطراب
وهم العظمة ليس مجرد حالة من الغرور أو الثقة الزائدة، بل هو خلل نفسي يحتاج إلى فهم عميق وتدخل مهني متخصص. التقدير الحقيقي للذات لا ينبع من أوهام، بل من توازن داخلي ورؤية واقعية للنفس.