
تعريف الكتاب: معيار علمي
في إطار حديثنا عن قضايا الثقافة والمعرفة، نجد أن التعريف العلمي للكتاب، المعتمد من قبل منظمة «اليونيسكو»، يستحق الوقوف عنده. يشير هذا التعريف إلى أن الكتاب هو منشور مطبوع، غير دوري، موجه للجمهور، ويتكون من 49 صفحة على الأقل، مستثنيًا الغلاف. يتضمن هذا التعريف شروطًا واضحة، منها شرط الطباعة الذي يحدد أن أي عمل مكتوب غير مطبوع يُعتبر مخطوطًا.
التركيز على كون الكتاب موجهًا للجمهور يشير إلى أهمية الوصول إلى قاعدة قراء واسعة، مما يعكس رؤية متقدمة لمفهوم النشر.
الدهشة من عدد الصفحات
يجذب الانتباه تحديد عدد الصفحات بـ 49 كحد أدنى. هذا الرقم قد يبدو عشوائيًا، مما يثير استفسارات حول سبب اختياره. عدة تساؤلات تنشأ، مثل: هل كان هناك اعتبارات تاريخية أو عملية لهذا الرقم؟ فالتعرف على حدود الكتاب يجسد تعريفًا صارمًا قد لا يكون في متناول الجميع.
الثقافة الرقمية مقابل التقليدية
تناول كاتب المقال، فرانسواز ليفيك، في مقالة مترجمة عن الفرنسية، مسألة مهمة تتعلق بعالم الكتب الرقمي. إذ أشار إلى أن التعريف لا يأخذ في الاعتبار الكتاب الرقمي، الذي أصبح له دور بارز في الوسط الثقافي، خاصة بين الشباب. يمثل هذا التحليل خطوة هامة لتقدير التحولات التي شهدتها صناعة النشر.
على الرغم من استمرار تفضيل العديد من القراء للكتاب الورقي، إلا أن الكتاب الرقمي يزداد شعبية. هذا التحول يستدعي فحصًا معمقًا لكيفية تأثيره على مفهوم القراءة وتوزيع المعرفة.
الإحصائيات المذهلة
تتحدث الإحصائيات عن عالم الكتب بشكل مثير للدهشة. تقرر شركة «غوغل» أن عدد الكتب المنشورة عالميًا يصل إلى حوالي مئة مليون، مما يستدعي النظر في كيفية إدارة هذه الكمية الهائلة من المعلومات والمواد الأدبية. وعلاوة على ذلك، تشير موسوعة «ويكيبيديا» إلى أن الرقم السنوي لعناوين الكتب الجديدة يُقدر بنحو مليون عنوان، وإذا أضفنا العناوين المعاد طباعتها، فإن الرقم يتضاعف.
تتجاوز مبيعات الكتاب السنوية مليار دولار، وهو رقم يعكس قوة سوق الكتب مقارنة بفئات أخرى، مثل الموسيقى وألعاب الفيديو. هذا الاتجاه يجعل من الكتب جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الثقافي.
العولمة الحميدة: الترجمة والنشر
تعتبر الترجمة عاملاً رئيسيًا في انتشار الكتب والثقافات. وأفادت «اليونيسكو» بأن عدد الترجمات الجديدة قد تضاعف أكثر من مرة بين 1979 و2007، مما يُظهر حركة دؤوبة في نقل المعرفة بين الثقافات المختلفة.
لكن السؤال الذي يبرز للسطح هو: أين نحن العرب في هذه “العولمة الحميدة”؟ فالتساؤل حول عدد الكتب المترجمة إلى العربية سنويًا، مقابل تلك التي تُترجم من العربية إلى اللغات الأخرى، يطرح موضوعًا للنقاش حول مدى التفاعل الثقافي والتبادل الفكري في العالم العربي.