«تحديات عالمية تؤدي إلى رفع الأسعار» جرعة سعرية جديدة تضغط على الأسواق الدولية

كشف مسؤولون حكوميون عن جرعة سعرية جديدة تشمل مختلف السلع والمواد، تحت ضغوط دولية واسعة تشهدها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وذلك لتطوير وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، بما في ذلك النظام الجمركي والضريبي، ووقف التهريب وتسرب الموارد العامة، وهو شرط أساسي للحصول على الدعم المالي الدولي للحكومة.

تحرير السعر الجمركي

أكد رئيس البنك الأهلي اليمني الحكومي في عدن، محمد حسين حلبوب، أن “تحرير السعر الجمركي هو خيار مُلزم لا بد أن تنفذه الحكومة الشرعية”، لمواجهة أزمة تراجع السيولة المالية بكل من العملتين الصعبة والمحلية، وأزمة تغطية الالتزامات المالية للحكومة تجاه نفقات تشغيل المؤسسات والخدمات، مضيفًا في تدوينة على “فيس بوك”: “إن تحرير سعر الدولار الجمركي سيؤدي إلى زيادة فورية في الإيرادات الحكومية، من دون الحاجة لفرض ضرائب جديدة، مما يساعد على تمويل العجز في الموازنة العامة، وتعزيز قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية والخدمية، بما في ذلك دفع رواتب موظفي القطاع الحكومي”.

الإصلاحات الاقتصادية

تابع حلبوب في تدوينة أخرى: “لضمان دفع رواتب القطاع الحكومي، والحفاظ على استقرار سعر صرف العملة، وكجزء من الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، استجابة لنصائح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فإن تحرير السعر الجمركي للدولار هو خطوة ملزمة لا خيار آخر غير تنفيذها”.

وجهات نظر اقتصادية مختلفة

بينما اعتبر خبراء اقتصاديون أن “تحرير السعر الجمركي للدولار ليس الحل الوحيد لحل الأزمة المالية والاقتصادية الحالية”، وأكدوا أن “تحميل المواطن أعباء إضافية في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة ليس خيارًا عادلًا أو مستدامًا”، موضحين أن “الحل الحقيقي يكمن في إصلاح اقتصادي شامل يعالج جذور المشكلة، وليس أعراضها فقط”، وشددوا على أن “الطريق إلى إنقاذ الاقتصاد الوطني يتطلب إدارة حكيمة للموارد، ومحاربة الفساد، وتفعيل مصادر الدخل الحقيقية”، ودعوا “الحكومة إلى تبني إصلاحات اقتصادية عادلة لضمان استقرار العملة ودفع المرتبات، من دون اللجوء إلى قرارات تمس لقمة عيش المواطنين”.

الجدل بين التجار والقطاع الخاص

يتزامن هذا مع تصاعد الجدل بين أوساط التجار والقطاع الخاص حول قرار حكومي غير معلن أو توجه حكومي لرفع سعر صرف الدولار الجمركي بنسبة 100%، رغم إعلان مصلحة الجمارك في بيانها: “إن سعر الدولار الجمركي والرسوم الجمركية ثابتان ولم يتغيرا، ولا صحة لشائعات رفع التعرفة الجمركية بنسبة 100%”.

ومع ذلك، لم تنف مصلحة الجمارك في بيانها توجه الحكومة لرفع سعر الدولار الجمركي، وهو ما كشفه محافظ البنك المركزي اليمني في عدن، أحمد غالب المعبقي، في حوار صحفي، حيث أكد “ضرورة رفع سعر الدولار الجمركي عبر مختلف المنافذ البحرية والبرية والجوية بمناطق سيطرة الحكومة لتوفير السيولة”.

الاحتياجات التموينية والأزمة المتزايدة

يترافق هذا مع اتخاذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، قرارًا اقتصاديًا أثار غضب التجار والمستوردين للسلع والمواد، ما أدى إلى احتجاز عشرات الحاويات في المنافذ البحرية والبرية والجوية، ومنع دخولها منذ نهاية سبتمبر الماضي (2025)، وهو ما ينذر بأزمات تموين وارتفاع كبير في أسعار السلع.

شكايات عشرات التجار والموردين، أفادت أن “سلطات الحكومة في عدن تحتجز عشرات الحاويات التابعة لتجار، معظمهم يعملون في صنعاء، وتمنع دخولها منذ نهاية سبتمبر الماضى (2025)، وأن “النسبة الأكبر من الشحنات محتجزة في ميناء عدن، إضافة إلى منفذ شحن في محافظة المهرة”.

وأكدت أن “احتجاز الحاويات يتم بتوجيهات من اللجنة الوطنية الحكومية لتنظيم وتمويل الاستيراد”، معتبرين أن “هذه الإجراءات تعسفية وتفرض عقابًا جماعيًا على المواطنين، وتلحق أضرارًا بالقطاع الخاص، وتحاصر الأسواق المحلية بمنع دخول وتدفق السلع الأساسية والغذائية والاستهلاكية والمواد التموينية”.

ذكرت الغرفة التجارية والصناعية في أمانة العاصمة صنعاء، أنه “تم تلقي شكاوى متزايدة من تأخير الحاويات لعدة أشهر، ما يزيد من التكاليف الإضافية التي تتجاوز أجور الشحن المتفق عليها مسبقًا، ويجعل التجار مضطرين لتحويل الحاويات إلى موانئ أخرى، مما يزيد الغرامات المفروضة عليهم”.

وفقًا لصحيفة “العربي الجديد” الصادرة في لندن، علمت من تجار ومسؤولين في المنظمات الممثلة للقطاع الخاص، أنه “تم تحويل الحاويات إلى موانئ أخرى، مما يزيد الغرامات المفروضة على التجار”، وأن “شركات الشحن بدأت بنقل البضائع من ميناء جيبوتي إلى ميناء الحديدة، بعد استكمال الإجراءات هناك”.

كما تم الاتفاق بين غرفة أمانة العاصمة صنعاء وشركات الشحن على آلية تسريع وصول الحاويات إلى ميناء الحديدة، خصوصًا تلك القادمة من أسواق الصين والهند ودول شرق آسيا عبر الخط الملاحي التجاري المار بميناء جيبوتي، مما يساهم في وصول البضائع الأساسية والغذائية إلى السوق المحلية في اليمن.

التأخر في الإجراءات الجمركية

من جانبها، أكدت مصلحة الجمارك في عدن، أن “تأخر الشاحنات في بعض المنافذ لا يعود لقرار جمركي جديد، بل لرفض بعض التجار الالتزام بقرار المصارفة الصادر عن رئاسة الوزراء واللجنة الوطنية لتمويل الواردات، الذي يلزمهم بفتح الاعتمادات المستندية عبر لجنة الواردات والبنك المركزي في عدن”، وجددت في بيانها، “التزامها بتنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات المختصة لترتيب وتنظيم قطاع الاستيراد والتصدير”، وسط ضغوط دولية على الحكومة لتطوير الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، وتوسيعها لتشمل النظام الجمركي والضريبي، ووضع حد للتهريب وتسرب الموارد العامة.

أزمة التمويل والجدل حول الدولار الجمركي

من الجدير بالذكر أن جدل سعر الدولار الجمركي يتزامن مع أزمة مالية خانقة تعاني منها الحكومة، وصعوبات في الحصول على تمويلات ومنح وقروض خارجية للتعامل مع التزاماتها المالية وتمويل الاستيراد، حيث وصل حجم تمويل طلبات الواردات المقررة من قبل اللجنة الوطنية الحكومية إلى نحو 700 مليون دولار أميركي منذ صدور قرار تنظيم الاستيراد في نهاية أغسطس (2025).