«صراع العملات وسباق الذهب» الجنيه السوداني يتراجع.. الذهب والإمارات يكشفان خفايا الأزمة الاقتصادية

شهد الجنيه السوداني تراجعًا حادًا وملحوظًا عقب فرض حظر فعلي على الرحلات الجوية المتجهة من بورتسودان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، مما أدى إلى تعطيل كبير لتجارة الذهب التي تُعد شريانًا حيويًا للاقتصاد السوداني، وذلك حسب ما أفاد به تجار ومسؤولون سودانيون، فالحكومة السودانية تعتمد بشكل رئيسي على صادرات الذهب إلى الإمارات لتأمين العملة الصعبة، بينما تتهم القوات المسلحة السودانية نظيرتها الإماراتية بدعم قوات الدعم السريع، المنافس الرئيسي في الصراع الدائر منذ عامين ونصف.

الحظر الإماراتي وتأثيره على الجنيه

أوقفت الإمارات العربية المتحدة في شهر أغسطس الماضي جميع الرحلات التجارية القادمة من بورتسودان، والتي تُعد البوابة الرئيسية للسودان على التجارة الدولية، وفقًا لما أكدته الهيئة السودانية للطيران المدني وبيانات تتبع الرحلات الجوية، كما توقفت حركة الشحن عبر موانئها من وإلى السودان، وهو ما تسبب في انخفاض قيمة الجنيه السوداني بشكل كبير.

توضح البيانات التالية التدهور الحاد في قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي:

اعتماد السودان على صادرات الذهب

تُعد صادرات الذهب المصدر الأكبر للعملة الصعبة في السودان، حيث استوردت الإمارات وحدها حوالي 90% من الذهب القانوني السوداني، ما يعادل 8.8 أطنان بقيمة 840 مليون دولار أمريكي خلال النصف الأول من عام 2025، وتُستخدم هذه العائدات من قبل الحكومة لتمويل واردات السلع الاستراتيجية الضرورية مثل الوقود والقمح.

الذهب المهرب ووجهات بديلة

تشير التقارير المتعددة إلى أن الجزء الأكبر من الذهب المهرب من السودان ينتهي به المطاف أيضًا في الإمارات، بالرغم من أنه قد يمر أحيانًا عبر دول وسيطة مثل مصر أو قطر أو عُمان، وتُتهم قوات الدعم السريع بشكل مباشر بتهريب الذهب كأحد مصادر تمويلها.

اعتماد اقتصادي عميق

أصبح الاقتصاد السوداني يعتمد بشكل كبير على الإمارات العربية المتحدة عقب العقوبات الأمريكية التي فُرضت في التسعينيات، والتي جعلت التعامل مع البنوك الدولية أمرًا بالغ الصعوبة، ويُعد بنك دبي الإسلامي المساهم الأكبر في بنك الخرطوم، في حين تُجرى معظم المعاملات الحكومية السودانية عبر فرع أبوظبي لبنك النيلين السوداني، وتتميز الإمارات بقدرة فائقة على تكرير الذهب، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية كبيرة مقارنة بالدول الإقليمية الأخرى.

أسواق بديلة مطروحة

ذكر سليمان بالدّو، رئيس مرصد الشفافية والسياسات في السودان، أن سلطات بورتسودان والتجار بحثوا عن بدائل لتصدير الذهب في أسواق قطر وعُمان ومصر والمملكة العربية السعودية، إلا أن هذه المحاولات لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن، ومع ذلك، فقد كانت مصر المستفيد الأكبر من عملية إعادة تصدير الذهب السوداني إلى الإمارات، وذلك حسب ما أفاد به بالدّو وأربعة تجار آخرين.