«الحج والعمرة حلم الفقراء في اليمن يكسر قيد الأسعار المرتفعة»

تشهد أسعار أداء مناسك العمرة والحج في اليمن، ارتفاعات ملحوظة خلال الأشهر الأخيرة، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وغياب الرقابة الحكومية على مكاتب السفر، الأمر الذي جعل هذه الفريضة الدينية حلماً بعيد المنال للكثير من المواطنين اليمنيين.

ارتفاع مفاجئ في رسوم العمرة

قفزت رسوم العمرة بشكل مفاجئ من 500 إلى 800 ريال سعودي، ما يعني زيادة قدرها 300 ريال، وذلك بعد أن أصدرت وزارة الأوقاف والإرشاد تعليمات جديدة تُلزم بتحديد الرسوم بالريال السعودي، ويأتي ذلك رغم القرار الحكومي الذي يحظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات المالية داخل البلاد، وباحتساب الفارق بسعر الصرف في عدن (400 ريال يمني لكل ريال سعودي)، فإن رسوم العمرة تبلغ حوالي 320 ألف ريال يمني، بينما تعادل في صنعاء (التي تسيطر عليها الحوثيين) حوالي 112 ألف ريال، نظراً لانخفاض سعر الصرف هناك إلى نحو 140 ريالاً مقابل السعودي الواحد، وهو مبلغ يتجاوز قدرات الكثير من المواطنين الذين يعانون من أوضاع معيشية صعبة.

رسوم الحج تصل إلى أرقام قياسية

لم يقتصر الارتفاع على العمرة فقط، فقد حددت وزارة الأوقاف رسوم الحج لهذا العام بنحو 13,475 ريالاً سعودياً للسفر البري (ما يعادل حوالي خمسة ملايين ريال يمني)، فيما تصل التكلفة جوًّا إلى 13,813 ريالاً، بينما بلغ البرنامج الممتاز 42,398 ريالاً سعودياً، وتُعتبر هذه الأرقام هي الأعلى منذ سنوات، وأوضحت الوزارة أن الرسوم تشمل الإعاشة والسكن والخدمات الأساسية فقط، دون احتساب تذاكر النقل الجوي أو البري، التي ستُحدد لاحقًا.

غضب شعبي وانتقادات للوزارة

أثار إعلان الوزارة عن تحديد الرسوم بالعملة الأجنبية موجة استياء واسعة، خاصةً أن القرار الحكومي الصادر منتصف أغسطس الماضي يحظر استخدام العملات الأجنبية في التعاملات التجارية والخدمية داخل اليمن، بما في ذلك الإيجارات والتعليم وتذاكر السفر، ورغم ذلك، استمرت معظم المكاتب والجهات الرسمية في التعامل بالريال السعودي، بحجة أن المواطنين يثقون به أكثر من العملة المحلية التي فقدت قيمتها بشكل متسارع.

معاناة المسافرين واستغلال المكاتب

يرى مواطنون أن ما يحدث هو “استغلال منظم” لمعاناة الناس، إذ يقول صادق العديني إن رسوم العمرة التي دفعها قبل ستة أشهر كانت 500 ريال سعودي فقط، أما الآن فقد ارتفعت بشكل غير مبرر، مضيفًا أن تكاليف السفر الأخرى مثل النقل والإقامة قد تصل إلى 250 ريالاً سعودياً أو أكثر، فيما يشير فكري الحمادي إلى أن كثيرًا من المسافرين يضطرون للبقاء أيامًا في منفذ الوديعة بانتظار تصاريح المرور، ما يضاعف تكاليف السفر والمعاناة.

ارتباك حكومي وتناقض في القرارات

يرى المحلل الاقتصادي نبيل الشرعبي أن الحكومة تتخذ قرارات نقدية مهمة لكنها تفتقر إلى الدراسة، مشيرًا إلى أن ارتباك الأجهزة التنفيذية زاد من فوضى السوق وفتح الباب أمام المضاربات والاستغلال، كما يضيف أن الريال السعودي أصبح العملة السائدة في معظم التعاملات بمدينة عدن ومناطق الحكومة، بما في ذلك العقود الحكومية ومكاتب السفر والعمرة، ويشير الشرعبي إلى أن استغلال المكاتب يبدأ منذ استخراج وثائق السفر، حيث تُفرض مبالغ كبيرة بالعملات الأجنبية، إضافةً إلى مماطلات وتأخيرات ترفع التكلفة النهائية لتصل أحيانًا إلى نصف سعر التذكرة الذي يتراوح بين 500 و600 دولار أمريكي.

قطاع الطيران بين الحظر والانقسام النقدي

أدى قرار حظر استخدام العملات الأجنبية إلى ارتباك في قطاع الطيران ومبيعات التذاكر، خاصة في ظل توقف رحلات الخطوط اليمنية من صنعاء ومناطق الحوثيين، ويرى مراقبون أن الانقسام النقدي وفوارق سعر الصرف يفرضان واقعًا خاصًا يستدعي حلولاً مرنة تراعي اختلاف المناطق، وفي الوقت نفسه، تعاني الخطوط الجوية اليمنية أزمة متفاقمة بعد استهداف أربعٍ من طائراتها جراء القصف الإسرائيلي، بينها الطائرة التي كانت تنقل الحجاج من مطار صنعاء، ما أدى إلى توقف مؤقت للرحلات وتكدس المسافرين.

محاولات حكومية للتخفيف من الأزمة

لمواجهة أزمة السفر، أعلنت الحكومة في عدن اعتماد 234 منشأة رسمية لتفويج الحجاج اليمنيين لموسم 1447هـ، بعد مراجعة الشروط الفنية والإدارية، كما سمحت بترخيص شركات طيران خاصة لتسيير رحلات تجارية لتخفيف الضغط على الخطوط اليمنية، ومن المقرر أن تبدأ أولى رحلات شركة طيران عدن الجديدة التابعة لمجموعة القطيبي في 27 أكتوبر، بخط مباشر بين عدن والقاهرة، في خطوة تأمل الحكومة أن تُسهم في خفض الأسعار وتسهيل سفر المواطنين.