زعم علماء صينيون أنه أصبح بإمكان شخص مصاب بشلل كلي التفاعل مع العالم مجددًا باستخدام إشارات الدماغ فقط، في خطوة مهمة لأبحاث واجهات الدماغ والحاسوب.
وكشف باحثون من الأكاديمية الصينية للعلوم في 17 ديسمبر أن رجلًا يعاني من إصابة بالغة في الحبل الشوكي يمكنه التحكم في كراسي متحركة ذكية، وكلاب روبوتية، وأجهزة رقمية من خلال واجهة دماغية لاسلكية مزروعة بالكامل.
ويُعد هذا الإنجاز المرة الأولى التي توفر فيها تقنية واجهات الدماغ والحاسوب تحكمًا مستقرًا في العالم الحقيقي عبر أنظمة روبوتية متعددة، بحسب تقرير لموقع ” إنتريستنغ إنجنيرينغ” المتخصص في أخبار التكنولوجيا والهندسة، اطلعت عليه “العربية Business”.
وأعلن عن هذا العمل مركز التميز في علوم الدماغ وتكنولوجيا الذكاء (CEBSIT)، وهو يُظهر قفزةً نوعيةً تتجاوز الاختبارات المعملية؛ إذ أن المريض لا يستطيع التحرك فحسب، بل يعمل أيضًا، حيث يؤدي مهام مدفوعة عن بُعد دون تحريك جسده أسفل الرقبة.
وتعرض المريض، المعروف باسم تشانغ، لإصابة خطيرة في الحبل الشوكي عام 2022 بعد سقوط، مما أدى إلى شلل نصفي بالغ، مما حد من حركته الإرادية إلى الرأس والرقبة فقط. وبعد أكثر من عام من إعادة التأهيل التقليدية التي لم تحقق تقدمًا يُذكر، انضم إلى تجربة سريرية لواجهة الدماغ والحاسوب.
وفي 20 يونيو، زرع الجراحون واجهة دماغ وحاسوب لاسلكية، تُعرف باسم “WRS01″، في مستشفى هواشان، التابع لجامعة فودان في شنغهاي. ويتضمن النظام مجسات أمامية دقيقة تُزرع في الدماغ عبر أقطاب كهربائية مرنة، بالإضافة إلى شريحة معالجة مُدمجة في تجويف صغير في الجمجمة.
وبعد العملية، ارتدى تشانغ قبعة خارجية مصممة خصيصًا لتزويد النظام بالطاقة لاسلكيًا واستقبال الإشارات العصبية. وبعد فترة تدريب تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، تمكن من التحكم بمؤشر الحاسوب والأجهزة الرقمية الأخرى باستخدام أفكاره فقط.
تُمثل قدرة تشانغ على العمل عن بُعد إنجازًا تاريخيًا. باستخدام مؤشر يتحكم فيه الدماغ، يتحقق من صرف المنتجات من آلات البيع عن بُعد. وهذا يجعله أول مشارك معروف في تجارب واجهة الدماغ والحاسوب يعمل بأجر.
يُحاكي هذا الإنجاز الرؤية وراء مفهوم “التخاطر” الذي يسعى إليه المليادير إيلون ماسك مع شركته نيورالينك، ولكن مع اختلاف جوهري. فبينما لا تزال تجارب نيورالينك تُركز على التفاعلات الأساسية كالألعاب والمهام البسيطة، وصل النظام الصيني بالفعل إلى مرحلة الاستخدام اليومي.
ويعتمد تحويل الأفكار إلى أفعال على أكثر من مجرد أقطاب كهربائية في الدماغ. فهو يحتاج إلى اتصال لاسلكي سريع، وفك تشفير ذكي وموثوق باستخدام الذكاء الاصطناعي، وروبوتات متقدمة.
يُعدّ عامل السرعة أحد أهم التطورات التقنية الرئيسية؛ إذ تستغرق عملية نقل الإشارات العصبية الطبيعية في جسم الإنسان حوالي 200 مللي ثانية. ومن خلال تخصيص بروتوكول الاتصال، تمكن الفريق من تقليل زمن التأخير الكلي من إشارة الدماغ إلى استجابة الروبوت إلى أقل من 100 مللي ثانية، مما يُتيح تحكمًا أكثر سلاسة وطبيعية.
