تقنية كمومية ثورية تُمكن الطائرات المسيرة والروبوتات من التواصل حتى عند انقطاع الإشارة

تقنية كمومية ثورية تُمكن الطائرات المسيرة والروبوتات من التواصل حتى عند انقطاع الإشارة

في عالم يعتمد بشكل شبه كامل على الإنترنت وشبكات الاتصال، تبقى الرسائل والبيانات عرضة للاعتراض أو التعطيل، خاصة في أوقات الكوارث الطبيعية أو الحروب أو الانقطاعات الواسعة.

وعلى مدار عقود، حاول المهندسون جعل الاتصالات أكثر أمانًا وموثوقية، لكن جميع الأنظمة التقليدية ظلت رهينة الإشارات التي تنتقل عبر الكابلات أو الموجات اللاسلكية أو الأقمار الصناعية.

اليوم، يطرح بحث علمي جديد فكرة تبدو أقرب إلى الخيال العلمي: ماذا لو تمكنت الآلات من التنسيق وتبادل المعلومات من دون إرسال أية رسائل أصلًا؟

التشابك الكمي بدل الإشارات

باحثون من جامعة فرجينيا تك كشفوا عن إطار جديد يعتمد على التشابك الكمي، أحد أغرب مفاهيم الفيزياء، لتمكين مجموعات من الآلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي من العمل معًا حتى في البيئات التي تفشل فيها وسائل الاتصال التقليدية، بحسب تقرير نشره موقع “interestingengineering” واطلعت عليه “العربية Business”.

عادةً ما تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي متعددة الوكلاء، مثل أسراب الطائرات المسيرة أو فرق الروبوتات، على اتصال لاسلكي مستمر.

لكن في سيناريوهات مثل حرائق الغابات أو مناطق الكوارث، غالبًا ما تُفقد الإشارة أو يتم التشويش عليها.

وحتى الآن، لم يكن هناك حل موثوق يسمح لهذه الأنظمة بمواصلة التعلم والتنسيق دون تبادل بيانات مباشر.

إطار eQMARL

لحل هذه المعضلة، لجأ الباحثون إلى التشابك الكمي، حيث ترتبط جسيمات كمومية مثل الكيوبتات ببعضها ارتباطًا عميقًا، بحيث يؤدي أي تغيير في أحدها إلى تغيير فوري في الآخر، حتى لو كانا متباعدين مكانيًا، من دون انتقال إشارة تقليدية.

وبالاستفادة من هذه الظاهرة، طور الفريق إطارًا جديدًا أطلق عليه اسم eQMARL (التعلم المعزز متعدد الوكلاء بالتشابك الكمي).

ويشرح ألكسندر ديريو، أحد مؤلفي الدراسة وطالب دكتوراه في فرجينيا تك، الفكرة قائلًا: “ما طورناه هو نظام تعلّم يستفيد من حقيقة أن أي تغيير يحدث في أحد طرفي زوج الكيوبتات ينعكس على الطرف الآخر. لا يهمنا ما طبيعة التغيير، بل مجرد حدوثه”.


في هذا النظام، يحصل كل وكيل ذكي على كيوبتات متشابكة.

وعندما يتفاعل أحد الوكلاء مع بيئته، عبر الرؤية أو السمع أو اتخاذ قرار، فإنه يُحدث تغييرًا في كيوبته، ويظهر هذا التغيير بشكل متزامن في الكيوبتات لدى الوكلاء الآخرين.

وبهذا، يكتسب كل وكيل معلومات مفيدة عن الحالة الجماعية من دون إرسال أو استقبال أية بيانات.

أداء أفضل عند انقطاع الاتصال

عند اختبار eQMARL مقارنة بأساليب الذكاء الاصطناعي التقليدية ونماذج كمومية غير متشابكة، أظهر الإطار الجديد أداءً متفوقًا باستمرار، لا سيما في البيئات التي يكون فيها الاتصال محدودًا أو غير موثوق.

تطبيقات واعدة

يحمل هذا البحث دلالات واسعة، إذ قد يفتح الباب مستقبلًا أمام تنسيق أسراب طائرات مسيرة لمكافحة الحرائق، أو روبوتات تبحث عن ناجين تحت الأنقاض، أو أنظمة ذاتية تعمل في مناطق انعدام الإشارة.

وعلى المدى البعيد، قد يشير إلى أساليب اتصال فائقة الأمان لا تعتمد على الإنترنت، ما يقلل مخاطر الاختراق أو المراقبة.

لكن رغم ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة، فالحفاظ على تشابك كمي مستقر على نطاق واسع أمر صعب خارج المختبرات، كما أن العتاد الكمي الحالي غير جاهز بعد للاستخدام العملي في الميدان.

ويقدر ديريو أن التطبيقات الواقعية، مثل طائرات إنقاذ تعتمد على هذا النهج، قد تحتاج إلى 10–15 عامًا قبل أن تصبح ممكنة.

وحتى ذلك الحين، يركز الفريق على تطوير الأسس الرياضية للنظام واختباره في سيناريوهات أكثر واقعية مع تطور تقنيات الحوسبة الكمية.