«خلف الستار الرقمي» طلب صيني مثير للجدل: الاستعانة بـ ChatGPT لتطوير أدوات رقابة متطورة

كشف تقرير حديث صادر عن شركة الذكاء الاصطناعي “OpenAI” عن استغلال محتمل لأدواتها من قبل جهات مرتبطة بالحكومة الصينية، حيث طلبت هذه الجهات المساعدة في تطوير أدوات للرقابة الشاملة وتعزيز أدوات أخرى تدعي أنها تراقب حسابات التواصل الاجتماعي للكشف عن “الخطاب المتطرف”.

وأثار التقرير مخاوف بشأن إمكانية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة لتعزيز عمليات القمع، مما يسلط الضوء على التحديات الأخلاقية والأمنية المرتبطة بهذه التكنولوجيا.

وأكد بن نيمو، الباحث البارز في “OpenAI”، أن هناك اتجاهًا متزايدًا في الصين نحو استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات واسعة مثل المراقبة والرصد، مشيرًا إلى أن الحزب الشيوعي الصيني يسعى لاستغلال هذه التكنولوجيا لتحسين قدراته في هذا المجال.

الذكاء الاصطناعي: ساحة التنافس بين الولايات المتحدة والصين

في خضم المنافسة الشرسة بين الولايات المتحدة والصين على صدارة مجال الذكاء الاصطناعي، يظهر تقرير “OpenAI” كيف يمكن أن تستخدم جهات مرتبطة بالدول هذه التكنولوجيا في مهام يومية نسبياً، مثل معالجة البيانات وتحسين صياغة اللغة، بدلاً من التركيز على تحقيق إنجازات تكنولوجية خارقة، وهذا يفتح الباب أمام استخدامات مقلقة للذكاء الاصطناعي في مجالات المراقبة والرقابة.

طلبات مثيرة للقلق من مستخدمين مرتبطين بالصين

أشار تقرير “OpenAI” إلى حالة طلب فيها مستخدم لـ “شات جي بي تي”، يُعتقد أنه مرتبط بكيان حكومي صيني، المساعدة في كتابة مقترح لأداة تقوم بتحليل تحركات السفر وسجلات الشرطة للأقلية الأويغورية وأفراد آخرين تصنفهم السلطات على أنهم “عاليي الخطورة”، وقد سبق لوزارة الخارجية الأميركية أن اتهمت الحكومة الصينية بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية ضد مسلمي الأويغور، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

وفي واقعة أخرى، طلب مستخدم ناطق بالصينية من “شات جي بي تي” المساعدة في تصميم مواد ترويجية لأداة تدعي أنها تفحص منصات مثل “إكس” و”فيسبوك” ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى بحثًا عن محتوى سياسي وديني، وقد قامت “OpenAI” بحظر كلا المستخدمين بعد اكتشاف هذه الأنشطة المشبوهة.

المنافسة تتصاعد في مجال الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي يمثل ساحة تنافس رئيسية بين الولايات المتحدة والصين، القوتين العظميين في العالم، وفي يناير الماضي، أثارت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة “ديب سيك” قلق المسؤولين والمستثمرين في الولايات المتحدة عندما قدمت نموذج ذكاء اصطناعي يُشبه “شات جي بي تي” يُسمى “R1″، والذي يتمتع بقدرات مماثلة ولكن بتكلفة أقل بكثير، وفي الشهر نفسه، روّج الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لخطة من شركات خاصة لاستثمار ما يصل إلى 500 مليون دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ضمن مشروع يُسمى “ستارغيت”.

ردود فعل صينية على التقرير

رداً على نتائج “OpenAI”، صرح ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، بأن الصين تعارض “الهجمات والافتراءات التي لا أساس لها” ضدها، وأضاف أن الصين “تبني بسرعة نظام حوكمة للذكاء الاصطناعي بخصائص وطنية مميزة”، مؤكدًا أن هذا النهج يعزز التوازن بين التنمية والأمن، ويتميز بالابتكار، والأمن والشمولية، وأشار إلى أن الحكومة الصينية قدمت خططًا سياسية رئيسية ومبادئ توجيهية أخلاقية، بالإضافة إلى قوانين ولوائح تتعلق بالخدمات الخوارزمية والذكاء الاصطناعي التوليدي وأمن البيانات.

استخدامات أخرى للذكاء الاصطناعي من قبل جهات خبيثة

يكشف تقرير “OpenAI” عن أمثلة أخرى عديدة توضح مدى شيوع استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات اليومية للقراصنة المدعومين من الدول والمجرمين، إلى جانب المحتالين الآخرين، حيث استخدم قراصنة يُشتبه في انتمائهم لروسيا وكوريا الشمالية والصين “شات جي بي تي” لأداء مهام مثل تحسين برمجياتهم أو جعل روابط التصيد الاحتيالي التي يرسلونها إلى الأهداف أكثر مصداقية.

ويرى مايكل فلوسمان، الخبير الأمني في “OpenAI”، أن الخصوم يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتحسين مهاراتهم الحالية، وليس لابتكار أنواع جديدة من الهجمات السيبرانية، ومن ناحية أخرى، يستخدم عدد متزايد من الضحايا المحتملين “شات جي بي تي” لاكتشاف عمليات الاحتيال قبل الوقوع ضحايا لها، وتقدر “OpenAI” أن “شات جي بي تي” يُستخدم للكشف عن عمليات الاحتيال بمعدل يصل إلى ثلاثة أضعاف استخدامه في عمليات الاحتيال نفسها.

الجيش الأميركي والذكاء الاصطناعي

عندما سُئلت “سي إن إن” شركة “OpenAI” عما إذا كانت على علم باستخدام الجيش أو وكالات الاستخباراتية الأميركية لـ “شات جي بي تي” في عمليات القرصنة، لم تُجب الشركة مباشرةً على السؤال، بل أشارت إلى سياستها لاستخدام الذكاء الاصطناعي لدعم الديمقراطية، وأوضحت القيادة السيبرانية الأميركية، وهي الوحدة العسكرية المعنية بالهجمات والدفاع السيبراني، أنها ستستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لدعم مهمتها، وتتعهد “خارطة طريق الذكاء الاصطناعي” التي وافقت عليها القيادة “بتسريع اعتماد وتوسيع نطاق القدرات” في مجال الذكاء الاصطناعي، ولا تزال القيادة السيبرانية تستكشف كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات الهجومية، بما في ذلك كيفية استخدامه لبناء قدرات لاستغلال الثغرات البرمجية في المعدات المستخدمة من قبل أهداف أجنبية.