هل تسببت مراكز البيانات في رفع فواتير الكهرباء؟

هل تسببت مراكز البيانات في رفع فواتير الكهرباء؟

فتحت الحكومة الأميركية جبهة جديدة مع عمالقة التكنولوجيا، بعدما طالب ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين شركات كبرى عاملة في الحوسبة السحابية و الذكاء الاصطناعي بتفسير الارتفاع المتواصل في فواتير الكهرباء بالمناطق التي تستضيف مراكز بيانات عملاقة.

ووجه كل من إليزابيث وارن وكريس فان هولن وريتشارد بلومنتال رسائل رسمية إلى شركات تقنية كبرى، معتبرين أن التعهدات العلنية بتحمل تكاليف الطاقة لا تنعكس على أرض الواقع، في وقت يتحمل فيه المستهلكون العبء عبر ارتفاع أسعار الكهرباء.

تصريحات بلا أفعال

وقال أعضاء مجلس الشيوخ في رسائلهم إن شركات التكنولوجيا “قدمت دعمًا لفظيًا فقط لفكرة تحمل تكاليف الطاقة الخاصة بمراكز البيانات، لكن تصرفاتها جاءت بعكس ذلك”، مشيرين إلى أن شركات المرافق العامة غالبًا ما تنقل تكاليف توسعة الشبكات الكهربائية إلى المشتركين عبر رفع التعرفة، بحسب تقرير نشره موقع “techradar” واطلعت عليه “العربية Business”.

وأضافوا أن توسع البنية التحتية للشبكات، الذي تفرضه مراكز البيانات الضخمة، لا تتحمله الشركات التقنية بشكل مباشر، بل يُوزع على المستخدمين من الأفراد والشركات الصغيرة.

وتزامن نشر الرسائل مع إعلان “أمازون” عن دراسة كلفت بها شركة Energy and Environmental Economics، خلصت إلى أن مراكز البيانات تدر إيرادات كافية لشركات الكهرباء لتعويض تكلفة تشغيلها، بل وقد تحقق فائضًا يعود بالنفع على باقي المشتركين في بعض السيناريوهات.

غير أن المشرعين أشاروا إلى أن هذه الدراسة تعتمد بدرجة كبيرة على نماذج وتوقعات مستقبلية، لا على بيانات فواتير تاريخية موثقة، ما يثير تساؤلات حول دقتها عند مقارنتها بما يواجهه المستهلكون فعليًا.

استهلاك هائل وضغط على الشبكات

لا خلاف، بحسب التقرير، على أن مراكز البيانات الحديثة تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء، خاصة تلك التي تشغل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث تحتاج أحيانًا إلى مئات الميغاواط، وتقترب بعض المنشآت من مستوى استهلاك الغيغاواط.

وتؤكد الرسائل أن العديد من شبكات الكهرباء الإقليمية لم تُصمم لمثل هذا الطلب المستمر، ما يضطر شركات المرافق إلى استثمارات بمليارات الدولارات في محطات التوليد وخطوط النقل والتحديثات المحلية لضمان استقرار الخدمة.

من يدفع الفاتورة؟

بحسب أعضاء مجلس الشيوخ، تلجأ شركات الكهرباء عادة إلى استرداد تكاليف التوسعة عبر رفع الأسعار على جميع المشتركين، ما يعني أن الأسر والشركات الصغيرة تتحمل جزءًا من تكلفة مشاريع الحوسبة الضخمة.

وتشير أبحاث استشهدت بها الرسائل إلى احتمال ارتفاع أسعار الكهرباء على مستوى الولايات المتحدة بنحو 8% بحلول 2030، مع زيادات أكبر في ولايات تتركز فيها مراكز البيانات، مثل ولاية فيرجينيا.

عقود سرية ومفاوضات قاسية

ومن أبرز نقاط القلق التي أثارها المشرعون، العقود الخاصة بين شركات التكنولوجيا وشركات المرافق، والتي غالبًا ما تكون سرية، ما يحول دون معرفة كيفية توزيع التكاليف فعليًا.

وأوضحوا أن شركات التقنية تستخدم أحيانًا أساليب تفاوض صارمة للحصول على أسعار تفضيلية، ملوّحة بنقل استثماراتها إلى ولايات أخرى، وهو ما يصعب على الجهات التنظيمية والجمهور تقييم ما إذا كانت هذه الشركات تتحمل نصيبها العادل من التكلفة.

أسئلة بلا إجابة

ورغم تأكيد “أمازون” أن مراكز بياناتها تفيد المشتركين بدل الإضرار بهم، تشير سجلات تنظيمية وشهادات محلية إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار الكهرباء بالجملة في بعض المناطق ذات الكثافة العالية لمراكز البيانات.

ومع استمرار التوسع السريع للبنية التحتية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، تبقى الأسئلة مفتوحة:

هل تتحمل شركات التكنولوجيا التكلفة الحقيقية لطموحاتها الرقمية؟ أم أن المستهلك هو من يدفع الثمن في نهاية المطاف؟