«تحديات رقمية» جرائم الذكاء الاصطناعي تعرقل مساعي العدالة في أميركا اللاتينية

يشهد القضاء في أميركا اللاتينية صراعًا جديدًا مع التكنولوجيا، إذ باتت الصور ومقاطع الفيديو المزيفة التي تنتجها تقنيات الذكاء الاصطناعي تشكل كابوسًا للمحققين والقضاة على حد سواء.

تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي على تسريع البتّ في القضايا المتراكمة، لكنها أصبحت أيضًا سلاحًا يُستخدم لتضليل العدالة ونشر الأكاذيب.

بدأت الأزمة عندما انتشرت مقاطع مزيفة لهجوم استهدف مرشحًا رئاسيًا كولومبيًا في يونيو الماضي، ما أجبر الشرطة والنيابة على قضاء ساعات في التحقق من صحتها، بحسب تقرير نشره موقع “restofworld” واطلعت عليه “العربية Business”.

وتقول منظمات حقوق رقمية إن سلطات إنفاذ القانون ما زالت تفتقر إلى القدرة التقنية والقانونية للتعامل مع مثل هذه القضايا المعقدة.

وبدأت عدد من الدول بأميركا اللاتينية مثل البرازيل وبيرو وكولومبيا بسن قوانين تجرّم إنتاج المقاطع المزيفة (Deepfakes)، إلا أن معظم التشريعات في المنطقة ما زالت متأخرة عن سرعة تطور الذكاء الاصطناعي.

في المقابل، لجأت بعض المحاكم إلى استخدام أدوات مثل شات جي بي تي و كوبايلوت لتسريع صياغة الأحكام ومعالجة آلاف القضايا يوميًا.

لكن المفارقة أن 85% من القضاة في كولومبيا يستخدمون نسخًا مجانية من هذه الأدوات من دون تدريب كافٍ على مخاطرها أو آليات ضبطها.

ويقول القاضي الكولومبي خوان مانويل باديا، الذي استخدم شات جي بي تي في إحدى القضايا، إن “التنظيم الذاتي هو الحل الوحيد الفعّال، لأن القوانين لن تواكب سرعة تطور الذكاء الاصطناعي”.

وتحذر منظمات حقوقية من أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في التحقيقات، خصوصًا عبر تقنيات التعرّف على الوجوه، قد يؤدي إلى أخطاء جسيمة تطال الأبرياء، خاصة من الفئات المهمّشة.

أُلقي القبض على مواطن بريء، في البرازيل، بسبب خطأ في خوارزمية التعرّف على الوجه.

تمضي بعض الدول في توسيع استخدام الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات القضائية لتخفيف الأعباء وتسريع العدالة، وسط جدلٍ متصاعد حول ما إذا كانت التقنية تُنقذ القضاء من البطء، أم تجرّه إلى متاهات رقمية جديدة.

تحديات الذكاء الاصطناعي في القضاء اللاتيني

يواجه النظام القضائي في أمريكا اللاتينية تحديات جمة بسبب التطور السريع للذكاء الاصطناعي، فمن ناحية، تساعد هذه التقنيات في تسريع إجراءات التقاضي وتخفيف الأعباء على القضاة، ومن ناحية أخرى، تُستخدم في تزييف الحقائق ونشر المعلومات المضللة، مما يعيق سير العدالة، الأمر الذي يتطلب تطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة هذه التحديات، وتحديث القوانين لتواكب التطور التكنولوجي المتسارع، مع ضمان حماية حقوق الأفراد وحرياتهم.

نقص الخبرة والتدريب يفاقم المشكلة

يُعد نقص الخبرة والتدريب الكافي للقضاة والمحققين في التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي من أبرز المشكلات، فاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي دون فهم كامل لمخاطرها المحتملة وآليات عملها قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مثل الاعتماد على معلومات مضللة أو اتخاذ قرارات خاطئة، لذلك، يجب توفير برامج تدريبية متخصصة للقضاة والمحققين لتمكينهم من استخدام هذه التقنيات بفعالية ومسؤولية، وتجنب الوقوع في الأخطاء.

قوانين غير كافية لمواجهة التزييف العميق

على الرغم من أن بعض الدول في أمريكا اللاتينية بدأت في سن قوانين تجرم إنتاج المقاطع المزيفة (Deepfakes)، إلا أن معظم التشريعات في المنطقة لا تزال متأخرة عن سرعة تطور الذكاء الاصطناعي، مما يجعل من الصعب ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، ولذا، يجب على الحكومات في المنطقة العمل على تحديث القوانين وتطويرها باستمرار لتواكب التطورات التكنولوجية، وتوفير الأدوات والآليات اللازمة لكشف المقاطع المزيفة ومحاسبة المسؤولين عنها.