تشتهر العاصمة الرومانية بوخارست بكونها موطنًا لعدد وفير من المباني التاريخية التي تعكس مزيجًا فريدًا من الطرز المعمارية المتنوعة، وهذا المشهد الحضري الثري يجعل فرص التطوير العقاري الجديد نادرة ومحدودة، حيث تمثل كل قطعة أرض، سواء كانت صغيرة أو غير منتظمة، تحديًا فريدًا وفرصة للإبداع في آن واحد، وقد خاضت شركة الهندسة المعمارية “فينكلو” هذا التحدي مؤخرًا بجرأة، وذلك من خلال إنشاء مقهى صغير يحمل اسم “The Chapel” على قطعة أرض ضيقة في شارع بازيليسكو.
تصميم ذكي لمساحة محدودة
يؤكد ستيفان بافالوتس، كبير مهندسي “فينكلو”، أن المشروع بدأ من قطعة أرض بالغة الضيق فرضت قيودًا صارمة على التصميم، وقد تعامل الفريق مع هذه القيود كفرصة للإبداع والابتكار، حيث قام بدراسة جميع التفاصيل بعناية فائقة، بدءًا من المناخ المحلي والإضاءة الشمسية الطبيعية، وصولًا إلى حركة المشاة في الشارع، وكانت النتيجة اختيار شكل مثلثي ضيق وحاد يحقق الاستفادة القصوى من المساحة المتاحة، بينما يندمج بانسجام تام مع البيئة المحيطة، بحسب ما نشره موقع My Modern Met.
واجهة زجاجية ومساحة داخلية مبهرة
اعتمد فريق التصميم على إطار فولاذي رفيع، ما ساعد في تسريع عملية البناء بشكل ملحوظ، في حين جاءت الواجهة الخارجية مغطاة بزجاج ثلاثي مزجج منخفض الانبعاث، ما منح المبنى شفافية فريدة وانفتاحًا لافتًا على الخارج، وفي الداخل، تبدو المساحة أكبر مما هي عليه بفضل السقف العالي والإضاءة الطبيعية الوفيرة، كما أضاف استخدام الخشب الدافئ لمسة من الراحة والهدوء، ليصبح المكان جذابًا للزوار الباحثين عن أجواء مميزة وودية.
منارة ليلية لعشاق القهوة
مع حلول الليل، يتحول المقهى إلى منارة مضيئة ومتوهجة في قلب الشارع، حيث يضيء المبنى من الداخل ليجذب محبي القهوة في ساعات متأخرة، وهذا التوهج يعكس رؤية المعماريين في تحويل المساحات المهملة إلى نقاط حياة نابضة في قلب المدينة، وبذلك يصبح المقهى ليس مجرد مكان للجلوس وتناول القهوة، بل رمزًا لإعادة إحياء المساحات الصغيرة وتحويلها إلى مواقع حيوية ومتفاعلة.
رؤية معمارية ملهمة
يرى بافالوتس أن مشروع “The Chapel” يمثل نموذجًا مُلهمًا للتخطيط الحضري الأوروبي، إذ تُظهر كيف يمكن لتدخل معماري صغير ومدروس أن يترك أثرًا كبيرًا وملموسًا في المشهد الحضري العام، كما يوضح المشروع كيف يمكن للضوء والشكل والوظيفة أن تتكامل ببراعة لإنتاج أماكن لا تُنسى، وقد وصف بافالوتس المقهى بأنه “معبد للتصميم الحديث”، مؤكدًا أن هذه المشاريع الصغيرة لديها القدرة على إحداث فرق ملموس وإيجابي في حياة المجتمعات.