«قفزة تنموية».. الصين تعزز قدراتها وتقترب من الاكتفاء الذاتي في صناعة الرقائق الإلكترونية

تُكثف شركة هواوي جهودها داخل الصين لتقليل الاعتماد على الرقائق الأميركية، ما يُبشر ببداية حقبة جديدة في السباق التكنولوجي المحتدم على مستوى العالم. يأتي هذا التحرك في ظل تصاعد القيود الأميركية المفروضة على تصدير التكنولوجيا المتقدمة، والتي تسعى لكبح طموحات الصين التكنولوجية.

ويؤكد الخبراء أن الصين قد تحتاج فقط إلى خمس سنوات للحاق بركب منافسيها الأميركيين في مجال أشباه الموصلات، وذلك بفضل الاستثمارات الضخمة التي تضخها الشركات المحلية في أبحاث الرقائق المتطورة، وفقًا لتقرير نشره موقع “huaweicentral” واطلعت عليه “العربية Business”. وتُعد هذه المساعي جزءًا من خطة استراتيجية متكاملة تهدف إلى كسر هيمنة “إنفيديا” على السوق الصينية، وتعزيز قدرات البلاد في مجالات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية الحيوية.

###

نموذج “ديب سيك” يُحدث تحولًا جذريًا في السوق

يُعتبر إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي DeepSeek AI في مطلع العام الجاري مثالًا بارزًا على التحول التقني الأخير، حيث اعتمد النموذج على رقائق Ascend AI المحلية بدلًا من المكونات الأميركية، الأمر الذي أثر سلبًا على أسهم “إنفيديا” ودفع شركات كبرى مثل “تنسينت” و”بايدو” إلى تبني حلول محلية. هذه الخطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا نحو الاعتماد على الذات في مجال الذكاء الاصطناعي، وتقليل التبعية للتكنولوجيا الأجنبية.

وكشفت “هواوي” مؤخرًا عن خطتها الطموحة لتطوير شريحة Ascend خلال السنوات الثلاث المقبلة، في خطوة تهدف إلى ترسيخ مكانتها بقوة في سباق الذكاء الاصطناعي وتعويض التأخر النسبي في قطاع الشرائح المتقدمة. وتسعى الشركة إلى تحقيق قفزة نوعية في أداء هذه الشرائح، لتلبية المتطلبات المتزايدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتطورة.

###

تضييق الفجوة التكنولوجية

ورغم أن الأداء العام للرقائق الصينية لا يزال أقل تطورًا من نظيراته الأميركية، يؤكد الخبراء أن الفجوة تضيق بوتيرة سريعة وملحوظة، بفضل الجهود الحثيثة والاستثمارات الضخمة. هذا التقدم يعكس الإصرار الصيني على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال أشباه الموصلات.

وقال عالم الحاسوب جواد حاجي يحيى إن الرقائق الصينية باتت تقدم أداءً مشابهًا في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التنبئي، إلا أنها لا تزال تفتقر إلى القدرات التحليلية المعقدة، ما يشير إلى أن هناك مجالًا للتحسين والتطوير. أما المهندس راغافيندرا أنجانابا فأكد أن “هواوي” تُحرز تقدمًا بطيئًا ولكنه ثابت، مضيفًا: “رغم تأثير القيود الأميركية، فإن الفجوة بين الصين والولايات المتحدة لم تعد بعيدة، وقد تحتاج الصين إلى خمس سنوات فقط لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية.”.

###

مستقبل المنافسة التكنولوجية

تسعى “هواوي” لأن تكون رمزًا للاستقلال التكنولوجي الصيني، وإذا استمرت وتيرة التطور الحالية، فإن السنوات الخمس المقبلة قد تُشكل نقطة تحوّل حاسمة في ميزان القوى التقنية العالمي، ما يُعيد رسم خريطة المنافسة بين الشرق والغرب في عالم الرقائق والذكاء الاصطناعي. هذا التحول سيؤثر على العديد من الصناعات والقطاعات الاقتصادية، ويُعيد تشكيل المشهد التكنولوجي العالمي.

تسعى الصين أيضًا إلى تعزيز التعاون مع الدول الأخرى في مجال تطوير أشباه الموصلات، مما قد يخلق تحالفات جديدة ويُعيد تعريف العلاقات الدولية في هذا المجال الحيوي. هذا التوجه يعكس رغبة الصين في لعب دور محوري في صياغة مستقبل التكنولوجيا العالمية.