«هيمنة تكنولوجية».. الصين تعزز مكانتها كمركز عالمي لتصنيع وتركيب نصف روبوتات العالم

يشهد عالم الروبوتات الصناعية تحولات جذرية، والصين تتربع على عرش هذا التطور، ففي عام 2024 وحده، قامت الصين بتركيب حوالي 295 ألف روبوت، وهو رقم يتجاوز نصف إجمالي الروبوتات التي تم تركيبها على مستوى العالم، والتي بلغت 542 ألف وحدة، مسجلة بذلك زيادة قدرها 9% مقارنة بعام 2023.

هذه الأرقام تؤكد أن الصين تمتلك الآن أكبر أسطول من الروبوتات الصناعية في العالم، حيث يضم أكثر من 2.03 مليون روبوت، متفوقة بفارق كبير على دول مثل اليابان (450 ألفًا)، والولايات المتحدة (400 ألف)، وكوريا الجنوبية (392 ألفًا).

الجدير بالذكر أن هذا التوسع في استخدام الروبوتات يتزامن مع انخفاض عدد السكان في الصين بحوالي 1.39 مليون نسمة خلال عام 2024، مما أدى إلى تقلص القوى العاملة في القطاع الصناعي، وذلك بحسب تقرير نشره موقع “gizmochina” واطلعت عليه “العربية Business”.

ويرى الخبراء أن الأتمتة أصبحت ضرورة حتمية للحفاظ على مستويات الإنتاجية في الصناعات الحيوية مثل صناعة السيارات، والإلكترونيات، والخدمات اللوجستية، حيث تلعب الروبوتات دورًا محوريًا في عمليات اللحام، ونقل الأحمال الثقيلة، والتجميع الدقيق.

وفي هذا السياق، أوضح البروفيسور غاو شو دونغ من جامعة تسينغهوا أن الروبوتات ستتولى المهام البسيطة والمتكررة، بينما ستظل الوظائف الإبداعية والمعقدة بحاجة ماسة إلى العنصر البشري.

ويتوقع الخبراء أن تواجه الصين نقصًا حادًا يصل إلى 50 مليون عامل ماهر في القطاعات الصناعية عالية التقنية بحلول عام 2030، خاصة في مجالات تشغيل وصيانة وبرمجة الروبوتات، مما يجعل تدريب الكوادر الوطنية أولوية قصوى لدعم التحول نحو التصنيع الذكي.

###

من أكبر مستهلك إلى أكبر منتج

لم تكتفِ الصين بدورها كأكبر مستهلك للروبوتات، بل تخطت ذلك لتصبح أكبر منتج لها على مستوى العالم، متجاوزة بذلك اليابان لأول مرة في عام 2024.

وقد ارتفعت حصة الصين من إنتاج الروبوتات الصناعية عالميًا من 25% في عام 2023 إلى نحو الثلث في عام 2024.

ويُعزى هذا النمو إلى التوسع في تصنيع المكونات الأساسية محليًا، مثل المحركات، وأجهزة الاستشعار، والتروس، ووحدات التحكم، مما أدى إلى خفض التكاليف وساعد شركات صينية عملاقة مثل “شاومي” و”بي واي دي” على تشغيل مصانع ذكية بالكامل، تُعرف باسم “المصانع المظلمة”، والتي تعتمد على التشغيل الآلي بالكامل دون تدخل بشري.

###

الجيل الجديد: الروبوتات الشبيهة بالبشر

شهد عام 2024 أيضًا تطورًا ملحوظًا في مجال الروبوتات البشرية الشكل، حيث أعلنت شركة Tiantai Robot في مقاطعة غوانغدونغ عن أكبر طلب تجاري في تاريخ الصين لإنتاج 10 آلاف روبوت بشري، معظمها مخصص لخدمات رعاية المسنين، مما يمثل تحولًا من مرحلة البحث والتطوير إلى مرحلة الاستخدام التجاري الفعلي.

بالمقارنة، قامت الولايات المتحدة بتركيب 34,200 روبوت فقط خلال عام 2024، مما يبرز حجم الفجوة المتزايدة مع الصين.

ويرى المحللون أن الوتيرة المتسارعة التي تتبناها الصين في نشر الروبوتات تخلق ما يُعرف بتأثير “عجلة البيانات”، حيث يؤدي الاستخدام الواسع النطاق إلى جمع كميات هائلة من البيانات التي تُستخدم بدورها لتحسين الذكاء الاصطناعي والروبوتات بشكل متسارع.

ويحذر الخبراء من أن هيمنة الصين في المجال المادي للذكاء الاصطناعي والروبوتات قد تمنحها أفضلية استراتيجية في التصنيع العالمي، داعين الولايات المتحدة إلى الاستثمار بكثافة في تطوير الروبوتات الفعلية وليس البرمجيات فقط للحفاظ على قدرتها التنافسية.

في ظل هذا السباق المحموم نحو الأتمتة، من الضروري تسليط الضوء على بعض النقاط الهامة:

  • التأثير على سوق العمل: يجب دراسة تأثير انتشار الروبوتات على الوظائف المتاحة، وتطوير برامج تدريبية لإعادة تأهيل العمال وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع التقنيات الجديدة.
  • الأخلاقيات والمسؤولية: مع تزايد قدرة الروبوتات على اتخاذ القرارات، يجب وضع إطار أخلاقي وقانوني ينظم استخدامها ويحدد المسؤوليات في حالة وقوع أخطاء.
  • التركيز على الابتكار: يجب على الدول الأخرى السعي إلى تطوير تقنيات روبوتية مبتكرة ومتميزة، بدلًا من مجرد محاولة اللحاق بالصين، وذلك للحفاظ على التنوع والقدرة التنافسية في هذا المجال.

مقارنة بين الدول الرائدة في مجال الروبوتات الصناعية

فيما يلي جدول يقارن بين الدول الرائدة في مجال الروبوتات الصناعية من حيث عدد الروبوتات العاملة:

الدولة عدد الروبوتات الصناعية العاملة
الصين 2.03 مليون
اليابان 450 ألف
الولايات المتحدة 400 ألف
كوريا الجنوبية 392 ألف