صباح الشرق / SABAHACHARK
– الدكتور مصطفى بن شريف/الجزء الخامسة
ينص الفصل 104 من الدستور بأنه “يمكن لرئيس الحكومة حل مجلس النواب،بعد استشارة الملك ورئيس المجلس، ورئيس المحكمة الدستورية،بمرسوم يتخذ في مجلس وزاري.
يقدم رئيس الحكومة أمام مجلس النواب تصريحا يتضمن، بصفة خاصة، دوافع قرار الحل وأهدافه “.
وهكذا، يتبين بأن دستور 2011، أجاز لرئيس الحكومة، إمكانية تفعيل مسطرة حل مجلس النواب، بواسطة مرسوم، يتخذ في مجلس وزاري.
ومن المعلوم، أن المجلس الوزاري يتألف من رئيس الحكومة والوزراء، ويراسه الملك، تطبيقا للفصل 48 من الدستور، بمعنى أن كتاب الدولة، لا يملكون الصفة الدستورية، لحضور أشغال المجلس الوزاري.
ولما كان الدستور، ينص على جواز تقديم رئيس الحكومة الاستقالة، عملا بالفصل 47 من الدستور، فإنه أيضا منحه إمكانية اخرى، تتمثل في إمكانية حل مجلس النواب،لكن ذلك يبقى مشروطا بعرض المبادرة على المجلس الوزاري، الذي يرأسه الملك، فإذا وافق الملك عليها، يتم حل مجلس النواب بمرسوم.
لكن، نتساءل ما إذا كان رئيس الحكومة يملك الجرأة السياسية، للتوجه نحو تفعيل أحكام الفصل 104 من الدستور،أم أنه مطوق بالاعراف والتقاليد السلطانية، التي تقضي بأن الصدر الاعظم ( رئيس الحكومة) يعمل تحت سلطة السلطان/ رئيس الدولة، ومن ثم ليس له أن يبادر تلقائيا إلى حل مجلس النواب، حتى وإن كان الدستور يسمح له بهذه الإمكانية، لكن إلا بعد الرجوع إلى السلطان وأخذ موافقته، وهي الفلسفة التي تجد سندها حاليا، في وجوب عرض الاقتراح على المجلس الوزاري، تطبيقا للمسطرة الدستورية، وهذا هو المدخل الأساسي لتفعيل مبادرة رئيس الحكومة الرامية إلى حل مجلس النواب.
وأعتقد، بأن اختيار رئيس الحكومة خيار حل مجلس النواب، سيشكل سابقة في التاريخ السياسي المعاصر للمغرب اذا ما أقدم على ذلك، كما أنه يمثل بديلا لاعفاء رئيس الحكومة من لدن الملك او حل الملك مجلس النواب تطبيقا للفصل 51 من الدستور، ما دام أن الفصل 47 من الدستور، سكت عن التنصيص على إعفاء رئيس الحكومة صراحة من لدن الملك، وهنا نكون أمام حل يترتب عنه، تجاوز اشكالية إعفاء رئيس الحكومة من لدن الملك، وطرح بديل مقبول يتمثل في حل مجلس النواب من لدن رئيس الحكومة، الذي يترتب عنه وجوبا، التوجه نحو تنظيم انتخابات سابقة لاوانها لاعضاء مجلس النواب،والتي يجب أن تكون داخل أجل شهرين اعتبارا من تاريخ حل مجلس النواب بمرسوم.
ومن جهة اخرى، ان الدستور ينص، بأنه بمناسبة تفعيل مسطرة حل مجلس النواب من لدن رئيس الحكومة، فإن هذا الأخير مطالب بأن يقدم تصريحا أمام مجلس النواب، يتضمن ، بصفة خاصة، دوافع قرار الحل واهدافه.
وبناء عليه، يلاحظ بأن قرار حل مجلس النواب من لدن رئيس الحكومة، يجب أن يكون مبنيا على أسباب تبرره ،وأهداف يتوخى تحقيقها،وفقا لمنطوق ومضمون الفصل 104 من الدستور.
وفي الظرفية الراهنة،توجد دواعي وأسباب موضوعية، تبرر اتخاذ قرار حل مجلس النواب، من لدن رئيس الحكومة ، والمتمثلة في الازمة الاجتماعية والاقتصادية، التي يعرفها المغرب، والناتجة عن الاختيارات والسياسات الليبرالية المتوحشة للحكومة، التي اجهزت على معظم القطاعات الاجتماعية( الصحة، التعليم،التشغيل، الفساد بجميع أشكاله ) ، ولذلك يكون الهدف أو الأهداف من حل مجلس النواب من لدن رئيس الحكومة، هو التوجه نحو إعتماد سياسات عمومية جديدة تقوم على استراتيجيات تقطع مع اقتصاد الريع،واعادة النظر في الميزانيات الموجهة للاستثمار العمومي، في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل،إضافة إلى وجوب تقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين الطبقات الاجتماعية وبين مختلف جهات المملكة، التي تعرف تفاوتات كبيرة في تركيز الثروة، بحيث تكاد تكون ثلاث جهات هي المهيمنة على اكثر من 50% من خيرات المغرب،( جهة الدار البيضاء سطات،جهة الرباط القنيطرة، و جهة طنجة تطوان الحسيمة ) وهنا نكون أمام مغرب غني ومغرب فقير ، أومغرب نافع ومغرب غير نافع ،وفقا لنظرية التقسيم التي أسس لها الماريشال ليوطي إبان فترة الحماية الفرنسية.
