مسألة طرح وسحب الثقة من الحكومة

صباح الشرق / SABAHACHARK 

الدكتور مصطفى بن شريف/الجزء الرابعة

قد يعمد رئيس الحكومة إلى المبادرة بطرح مسألة مواصلة الحكومة في تحمل مسؤوليتها من عدمها عن طريق اختبار، ما اذا كان مجلس النواب سيصوت لها، بمنحها الثقة من عدمها من جديد، ويتولى رئيس الحكومة في هذه الحالة، تقديم تصريح في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه من طرف مجلس النواب.

ولا يتحقق سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالاغلبية المطلقة لاعضاء مجلس النواب، ولا يقع التصويت،إلا بعد مضي ثلاثة أيام على تاريخ طرح مسألة الثقة.

أنه وفي حال تصويت الاغلبية المطلقة لاعضاء مجلس النواب، بسحب الثقة، يترتب على ذلك جزاء استقالة الحكومة استقالة جماعية،تطبيقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 103 من الدستور.

وفي ظل الظرفية السياسية الحالية، والتوترات الاجتماعية التي يعرفها المغرب، بمبادرة من جيل Z ، الذي يطالب بالحق في الصحة والتعليم والشغل ومحاربة الفساد، إضافة إلى رفعه شعارات تطالب باستقالة رئيس الحكومة.

فهل سيبادر رئيس الحكومة إلى تفعيل الفصل 103 من الدستور لطرح مسألة الثقة على مجلس النواب من أجل تجديد “تنصيبها” ام أنه لن يذهب في هذا الاختيار ؟
أنه وأمام الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المغرب وبشكل واسع وغير مسبوق، خرجت الحكومة عن صمتها، وأعلنت بشكل رسمي إما ضمنيا أو صراحة، عن فشلها في تحقيق مضامين البرنامج الحكومي، الذي على قاعدته تم تنصيبها تطبيقا لاحكام الفصل 88 من الدستور ( التنصيب البرلماني )، ومن أبرز عناوين الاخفاق الحكومي، الصحة، التعليم، التشغيل،وهو ما يؤكد أن الحكومة بعيدة كل البعد عن توفير شروط الدولة الاجتماعية، التي شكلت موضوعا مركزيا في الخطاب السياسي للحكومة، و تم توظيفه بشكل مكثف من طرف رئيس الحكومة بوجه خاص، والتظاهر بأن شعار ” الدولة الاجتماعية ” يعكس روح البرنامج الحكومي، لكن ثبت فشله الذريع بعد أن ثبت أن المغرب بعيد كل البعد عن مفهوم الدولة الاجتماعية، بل ينطبق عليها وصف دولة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والطبقية.

وهكذا،فطرح مسألة الثقة في الحكومة، قد يؤدي هذا الإجراء الدستوري إلى سحب الثقة منها، في حال التصويت عليه بالاغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب، ويترتب على ذلك جزاء استقالة الحكومة استقالة جماعية، وفي هذه الحالة تنتهي مهام الحكومة دستويا، وتستمر فقط كحكومة تصريف الأعمال، إلى حين تعيين رئيس حكومة جديد و أعضاء الحكومة.

وترتيبا على ما ذكر، و عند استقالة الحكومة نتيجة سحب الثقة منها من طرف مجلس النواب،يفتح الباب أمام الملك لتعيين رئيس حكومة جديد،لكن يجب أن يكون من نفس الحزب الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وحاليا هو حزب التجمع الوطني للاحرار الذي يعتبر المسؤول الأول عن الازمة الحالية في المغرب،وخاصة بوجهيها الاجتماعي والاقتصادي وسيادة مظاهر الريع والفساد.

إن التوجه إلى تفعيل رئيس الحكومة لمسطرة طرح الثقة، ليس من شأنه أن يشكل حلا في المرحلة الراهنة، بالنظر إلى كون سحب الثقة من الحكومة اذا ما تحقق، سيترتب عن ذلك،تعيين أحد أعضاء حزب التجمع الوطني للاحرار في منصب رئيس الحكومة، وهذا الأمر لا يخدم الاستقرار والسلم الاجتماعي بالمغرب، ولذلك لا نعتبر مسألة سحب الثقة من الحكومة بأنه جواب على حل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي حركت ودفعت شباب جيل Z إلى التظاهر عبر ربوع المملكة، والحل المرحلي في نظرنا هو أن يفعل الملك الفصل 51 من الدستور والإعلان عن حل مجلسي البرلمان أو أحدهما، ويبدو أن المرحلة تقتضي الاكتفاء بحل مجلس النواب، دون مجلس المستشارين.

( يتبع في الحلقة رقم 5 المقبلة)