السينما في قلب الصراع اللبناني الإسرائيلي : توثيق الحرب وآثارها الإنسانية

السينما في قلب الصراع اللبناني الإسرائيلي : توثيق الحرب وآثارها الإنسانية

لطالما كان الصراع الإسرائيلي اللبناني، خاصة خلال الثمانينيات في فترة الحرب الأهلية اللبنانية، محوراً لأعمال سينمائية عميقة ومؤثرة، حيث كانت السينما وسيلة قوية لرصد هذا الصراع من زواياه الإنسانية والسياسية المعقدة.

وتناولت العديد من الأفلام تأثير الحرب على الأفراد والمجتمعات، ورصدت هذه التوترات السياسية، ونالت اهتماماً عالمياً، وحصدت جوائز كبرى، إذ سلطت الضوء على المعاناة البشرية خلف هذه الحروب، من خلال أعمال عربية أو حتى إسرائيلية تقدم شهادة حية على تجاوزات ووحشية الجيش الإسرائيلي. 

أصبح واضحاً أن السينما تلعب دوراً بارزاً في استحضار آلام الحرب، ومناقشة تداعياتها النفسية، وتقديمها لجمهور عالمي، لتذكرنا دائماً بتكلفة الصراعات التي ربما تغيب عن العناوين الإخبارية.

“طيارة من ورق”

هو فيلم لبناني صدر عام 2003 للمخرجة رندا شهال صباغ، تدور أحداثه في قرية دير ميماس الواقعة على الحدود بين لبنان والأراضي المحتلة. تركز القصة على “لمياء”، فتاة لبنانية تبلغ 16 عامًا، تُجبر على الزواج من ابن عمها “سامي” الذي يعيش على الجانب الإسرائيلي. 

بينما تشعر “لمياء” بالتردد وعدم الرغبة في الزواج، خاصة أنها لم تر “سامي” من قبل، تبدأ في التواصل مع جندي إسرائيلي يُدعى “يوسف” عبر الحدود. بعد انتقالها للعيش مع “سامي”، تكتشف أنها واقعة في حب “يوسف”، مما يثير غضب عائلة زوجها.

رُشح الفيلم لتمثيل لبنان في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ76 كأفضل فيلم أجنبي.

“تحت القصف”

“تحت القصف” هو فيلم درامي لبناني صدر عام 2007 من إخراج فيليب عرقتنجي. تدور أحداث الفيلم حول “زينة نصرودي”، امرأة لبنانية ثرية تعيش في دبي، تواجه مشكلات زوجية، فتقرر إرسال ابنها “كريم” لقضاء الصيف مع أختها “مها” في لبنان. ومع اندلاع حرب لبنان عام 2006، تسافر “زينة” إلى بيروت عبر تركيا للبحث عن ابنها.

تستعين بسائق تاكسي مسيحي يُدعى “توني”، وينطلقان في رحلة عبر جنوب لبنان، يواجهان خلالها دمار الحرب، ويكتشفان أسرارًا شخصية عن بعضهما البعض. يكشف الفيلم عن تأثير الحرب على الأفراد، بما في ذلك حقيقة أن شقيق “توني” كان عضواً في جيش لبنان الجنوبي، ويعيش الآن في المنفى في إسرائيل.

حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان دبي السينمائي 2006، كما حصلت بطلته ندا أبو فرحات على جائزة أفضل ممثلة، ثم في مهرجان صندانس السينمائي عام 2008، ليصبح أحد الأفلام التي سلطت الضوء على الحرب اللبنانية وآثارها.

Waltz with Bashir

هو فيلم رسوم متحركة إسرائيلي من إخراج آري فولمان، يعتمد على تجربة فولمان الشخصية خلال الحرب اللبنانية الإسرائيلية عام 1982.

يقدم الفيلم شهادة حية تدين إسرائيل، وتكشف تورطها في مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت أثناء الحرب، وهو أحد الأفلام القليلة التي تجرأت على تناول هذا الحدث من منظور جندي إسرائيلي يعاني من ذكريات مؤلمة وكوابيس بسبب مشاركته في المجزرة، الفيلم يمتاز بجماليات بصرية تعتمد على الرسوم المتحركة التي تعكس الاضطراب النفسي للبطل.

عُرض الفيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي عام 2008، حيث تنافس على جائزة السعفة الذهبية، وحقق أكثر من 11 مليون دولار في شباك التذاكر العالمي.

كما فاز الفيلم بجائزة جولدن جلوب لأفضل فيلم بلغة أجنبية، وجائزة الجمعية الوطنية لنقاد السينما لأفضل فيلم، وجائزة سيزار لأفضل فيلم أجنبي.

“Lebanon”

هو فيلم حربي دولي مشترك بي إسرائيل، فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا، صدر عام 2009، إخراج صموئيل ماعوز، الفيلم تلقى ردود فعل غاضبة في إسرائيل؛ نظراً لتصويره الجنود كمعتدين، ويكشف كواليس تلقيم أوامر القتل من دون رحمة، إذ يقدم شهادة من داخل دبابة إسرائيلية خلال اجتياح لبنان عام 1982. 

تدور أحداث الفيلم بالكامل تقريباً داخل الدبابة، حيث يعاني الجنود الإسرائيليون من اضطرابات نفسية نتيجة الأوامر التي تلقوها بقتل مدنيين عُزل واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، مثل قنابل غاز الفوسفور.

استند المخرج في الفيلم، إلى تجربته كمجند إسرائيلي شاب خلال حرب لبنان عام 1982، وفاز العمل بجائزة “الأسد الذهبي” في الدورة 66 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

“1982”

هو فيلم لبناني من إخراج وليد مؤنس، إنتاج 2019، عُرض لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي حيث حاز على جائزة تقديرية، كما فاز بعدة جوائز في مهرجانات سينمائية حول العالم، منها مهرجان الجونة السينمائي حيث حصل على جائزة النقاد. 

تدور أحداث الفيلم خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، في مدرسة صغيرة تقع في إحدى ضواحي بيروت، يركز الفيلم على قصص مختلفة تتشابك تحت وطأة الحرب. القصة الرئيسية تدور حول مدرّسة شابة تحاول التوفيق بين حبها لشخص ينتمي لعائلة ذات انتماءات سياسية مختلفة عن عائلتها، مما يجعل ارتباطهما مستحيلاً في ظل التوترات السياسية. في المقابل، نرى قصة صبي صغير يحب زميلته في المدرسة، ولكنه يخشى التصريح بمشاعره.

“1982” يُعتبر من الأفلام المؤثرة التي تجمع بين الواقع السياسي والتوتر العاطفي، مقدماً رؤية إنسانية للحرب وتأثيرها على الحياة اليومية للأشخاص العاديين.

* ناقدة فنية

كاتب صحفي لدى موقع ترند نيوز اهتم بمتابعة ورصد اخر الاخبار العربية والعالمية