كيف يؤثر مرشحو الأحزاب الثالثة على سباق الانتخابات الأميركية؟

كيف يؤثر مرشحو الأحزاب الثالثة على سباق الانتخابات الأميركية؟

مع اقتراب الانتخابات الأميركية، التي لم يتبق على انطلاقها سوى أسابيع قليلة، تتسارع الجولات الانتخابية للمرشحين للرئاسة لتعزيز مواقفهم وجذب المزيد من الأصوات قبل يوم الاقتراع المقرر في 5 نوفمبر المقبل.

وتتجه الأنظار بالأخص نحو الولايات المتأرجحة، حيث يحتدم الصراع بين المرشح الجمهوري دونالد ترمب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس، اللذان يجوبان هذه الولايات الحاسمة سعياً لاجتذاب الناخبين المترددين.

وفي خضم السباق الانتخابي المتقارب بشكل كبير والذي قد تحسمه بضع آلاف من الأصوات في 7 ولايات متأرجحة، يبرز دور مهم وحاسم لمرشحي الأحزاب الثالثة والمستقلين، الذين لا فرصة لديهم في الفوز، ولكن النسبة الضئيلة التي سيحصلون عليها من أصوات الأميركيين في هذه الولايات، قد تؤثر في تحديد النتائج النهائية، والفائز بالبيت الأبيض.

وتبرز كذلك أهمية الكتل التصويتية مثل العرب والمسلمين في الولايات المتأرجحة، إذ قد تلعب دوراً محورياً في حسم المنافسة. ففي انتخابات 2020، فاز الرئيس جو بايدن بولاية ميشيجان المتأرجحة، بنحو 154 ألف صوت فقط، فيما تضم الولاية نحو 200 ألف ناخب مسلم مسجل، ما يجعلهم قوة تصويتية مؤثرة.

ومن أبرز مرشحي الأحزاب الثالثة في انتخابات 2024،  المرشحة عن حزب “الخضر” جيل ستاين، والمرشح المستقل كورنيل ويست، بالإضافة إلى روبرت إف كينيدي جونيور، الذي علّق حملته الانتخابية، في أغسطس، وأعلن تأييده لترمب.

وهذه هي المرة الثالثة التي تترشح فيها جيل ستاين، الطبيبة والناشطة البيئية، البالغة من العمر 74 عاماً، ففي عام 2016، كانت مرشحة “الخضر” ضد ترمب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وفازت ستاين بنحو 1% من الأصوات، ويقول محللون إن الأصوات التي ذهبت لها، ولمرشح الليبرتاريين حينها جاري جونسون، ربما كلفت هيلاري الرئاسة، حيث حصلت على أكثر من 31 ألف صوت في ولاية ويسكونسن، وفاز ترمب بالولاية بفارق أقل من 23 ألف صوت.

كما كانت مرشحة الحزب عام 2012 ضد الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كان يترشح لإعادة انتخابه، أمام السيناتور الجمهوري ميت رومني.

وقبل الإعلان عن حملتها الانتخابية لعام 2024، عملت ستاين في حملة المرشح الرئاسي المستقل كورنيل ويست الذي بدأ حملته في يونيو من العام الماضي، على بطاقة حزب “الشعب”، لكنه سرعان ما حوّل انتمائه إلى “الخضر” وترشح على بطاقته، إلا أنه غادر الحزب، وأعلن استمراره في السباق كمرشح مستقل.

ورغم أن المرشحين من الأحزاب الثالثة أو المستقلين في السباق الرئاسي، لا يكون لهم عادة تأثير كبير في النقاش حول المعركة الانتخابية، إلا أن وجودهم على بطاقات الاقتراع بجانب المرشحين الجمهوري والديمقراطي له تأثير كبير في الولايات المتأرجحة، والتي تشهد تقارباً شديداً في الأصوات، وتُحسم بفارق ضئيل.

وفي أغسطس، أعلن المرشح المستقل روبرت كينيدي تعليق حملته، وتأييد ترمب، وسعى لإزالة اسمه من بطاقات الاقتراع في الولايات المتأرجحة لتجنب الإضرار بفرص الرئيس السابق في سباق إعادة انتخابه.

وقال ديفيد شولتز، أستاذ العلوم السياسية والدراسات القانونية في جامعة هاملين لـ”الشرق”، إن “بعض الولايات تميل إلى الديمقراطيين أو الجمهوريين بشكل أكبر أو أكثر استقراراً، ولكنهما لا يملكان عدداً كافياً من الولايات الآمنة للفوز بالرئاسة، مما يترك القرار لقلة من الناخبين المترددين في حوالي 6 أو 7 ولايات وهي التي ستقرر من سيفوز بالرئاسة”.

ووفقاً لشولتز، وهو مؤلف كتاب الولايات المتأرجحة الصادر عام 2022، فهناك مجموعة محدودة من الناخبين، يتراوح عددهم بين 150 إلى 200 ألف ناخب، يقررون النتائج في الولايات الحاسمة مثل أريزونا وجورجيا وميشيجان ونيفادا وبنسلفانيا ونورث كارولاينا، وبهذا، يصبح دور المرشحين المستقلين، أو من الأحزاب الثالثة محورياً في الانتخابات، إذ قد تُحدث أصواتهم الفارق في سباق رئاسي شديد التنافس.

ويرى دون ليفي، مدير معهد أبحاث كلية سيينا، في تصريحات لـ”الشرق” أن “المرشحين من الأحزاب الثالثة، بما في ذلك جيل ستاين، يلعبون دوراً حيوياً في الانتخابات الرئاسية الحالية”.

وذكر أن “هؤلاء المرشحين يستقطبون أصواتاً هامة في الولايات الحاسمة، ما يجعل تأثيرهم كبيراً في سياق المنافسة الشديدة بين المرشحين الرئيسيين”.

اقرأ أيضاً
اقرأ أيضاً

انتخابات الرئاسة الأميركية 2024.. من هم المتنافسون؟

تنحصر المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، بين دونالد ترمب، ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس، على الرغم من مشاركة مرشحين آخرين في السباق.

لمن يصوت المسلمون والعرب؟

وأظهر استطلاع جديد للرأي أجراه مجلس العلاقات الأميركية-الإسلامية (CAIR)، أن الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين الغاضبين من الدعم الأميركي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يتحوّلون من تأييد المرشحة الديمقراطية إلى دعم مرشحة حزب “الخضر”، بأعداد ربما تحرم هاريس من الفوز في الولايات الحاسمة.

وكشف الاستطلاع الذي نُشر خلال سبتمبر الجاري، أن 40% من الناخبين المسلمين في ولاية ميشيجان، والتي بها جالية كبيرة من الأميركيين العرب، أيدوا ستاين، فيما حصل ترمب على 18%، وجاءت هاريس في المؤخرة بنسبة 12%.

وفي السياق، يرى ديفيد شولتز، أنه “نظراً لأن كلا من ترمب و(الرئيس جو) بايدن، والآن هاريس، داعمون ثابتون لإسرائيل، فإنه لا يعد مفاجئاً أن ستاين (التي أعلنت تأييدها لغزة) تحقق نجاحاً جيداً في ولاية ميشيجان المتأرجحة، والتي تحتوي على نسبة كبيرة من السكان من أصول عربية”.

وأشار مدير معهد أبحاث كلية سيينا ليفي، إلى أن “أغلبية الناخبين يصنفون الاقتصاد والهجرة والإجهاض والجريمة والديمقراطية كأهم القضايا التي تؤثر على قرارهم. ومع ذلك، قد يختار بعض الناخبين التصويت بناء على قضايا الشؤون الخارجية، مثل الوضع في غزة أو أوكرانيا، ومن بين الناخبين المسلمين، قد يشعر البعض بأن هاريس أو ترمب لا يعكسان مواقفهم بشكل كاف”.

من جانبه، اعتبر جون زغبي، خبير استطلاعات الرأي، أن هذه الاستطلاعات “لم تكن منهجية بشكل سليم، وتضر كثيراً بالسباق الانتخابي”، مشيراً إلى أن “أحد هذه الاستطلاعات تم إجراؤها من خلال قائمة البريد الإلكتروني الخاصة بالمنظمة، والآخر عبر الرسائل النصية القصيرة”.

اقرأ أيضاًarticle image
اقرأ أيضاً

“غير ملتزم” المؤيدة لغزة ترفض تأييد هاريس وتؤكد معارضتها لترمب ومرشحي الأحزاب الثالثة

أعلنت حركة “غير ملتزم” الديمقراطية الداعمة لفلسطين، الخميس، أنها لن تؤيد كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، وشددت على معارضتها لترمب.

هاريس قد تفقد ميشيجان

وأشار سامح الهادي عضو الحزب الديمقراطي والمُقيم في ميشيجان، إلى احتمال أن تفقد هاريس الولاية، ليس بسبب قوة ترمب، بقدر انقسام الأصوات ما بين مُقاطع، وآخرين يتجهون إلى مرشحة حزب (الخضر) ستاين، مما سيدعم في كلا الحالتين المرشح الجمهوري”.

وذكر الهادي لـ”الشرق”، أن “أصوات العرب والمسلمين في ميشيجان، والتي تعد من أهم الولايات المتأرجحة منقسمة بين 3 اتجاهات في التصويت، الأول: اتجاه يرى أهمية إعطاء هاريس فرصة، والثاني: اتجاه نحو التصويت العقابي بالامتناع، والثالث: التصويت لمرشحة حزب (الخضر)”.

ويرى الهادي، أنه من الجيد إعطاء هاريس فرصة، مشيراً إلى تصريحاتها بشأن الحرب في غزة، وهي ضرورة منح الفلسطينيين حق تقرير المصير، وحل الدولتين، وخروج المحتجزين الإسرائيليين من غزة، والدخول غير المشروط للمساعدات.

وشدد الهادي على أنه “ينبغي على هاريس تعزيز تواصلها مع الجالية العربية والمسلمة في الولايات المتأرجحة، مما يجعل رسالتها وموقفها المعلن بشأن الحرب في غزة أكثر وضوحاً واتساقاً”.

اقرأ أيضاًarticle image
اقرأ أيضاً

“قرار صعب”.. جماعة سياسية أميركية مسلمة تدعم هاريس.. وتحذر من “خطر” رئاسة ترمب

أعلنت واحدة من أكبر الجماعات السياسية المسلمة في الولايات المتحدة، وهي جماعة Emgage Action، تأييد المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس.

وتابع: “يجب أن تكون رسائل هاريس متكررة وبارزة أمام هذه الجاليات، لتؤكد أنها ضد الإبادة الجماعية، وتسعى فعلاً لوقف إطلاق النار”.

المراهنة على كثافة المشاركة

من جانبه، قال إحسان الخطيب، عضو الحزب الجمهوري والمُقيم في ولاية كنتاكي لـ الشرق”، إن “الأميركيين أصبحوا يتململون من الأجندة الديمقراطية في العديد من الملفات الداخلية والخارجية”، مضيفاً أن جزءاً من العرب والمسلمين الأميركيين سيصوتون لترمب، وآخرين سيصوتون إلى مرشحة حزب (الخضر)، وهو ما سيسحب بدوره الأصوات من هاريس في ولايات حاسمة.

وأشار الخطيب، إلى أن “الحزبين الديمقراطي والجمهوري يراهنان على كثافة المشاركة في الانتخابات، فكلما كانت المشاركة كثيفة من قبل العديد من فئات المجتمع الأميركي، كلما أصبحت الأقليات أقل أهمية وتأثيراً على التصويت، مثل العرب والمسلمين والذين يقدر عددهم بحوالي 2% من الشعب الأميركي”.

وتابع: “هنا تبرز أهمية كل صوت، وأهمية أصوات الكتل الانتخابية، ومن بينها العربية والمسلمة التي يمكن لها أن تلعب دوراً حاسماً في عدد من الولايات المتأرجحة”. 

ويرى ديفيد شولتز، أنه “في حال ذهبت أصوات العرب والمسلمين إلى ستاين، فقد تميل الولاية والرئاسة لصالح ترمب، وبدلاً من ذلك، يمكن أن يؤدي امتناع الأميركيين العرب ذوي الميول اليسارية عن التصويت في ميشيجان إلى إمالة السباق أيضاً لصالح ترمب”.

واتفق معه في الرأي، خبير استطلاعات الرأي جون زغبي، قائلاً إن وجود ستاين في ورقة الاقتراع، يمكن أن يؤثر على هاريس في الولايات التي يكون فيها الفارق بضع مئات أو آلاف من الأصوات، حيث تُظهر الاستطلاعات أنها قد تحصل على حوالي 1% من الدعم، مشيراً إلى أن “الناخبين الذين يدعمون ستاين قد لا يصوتون في الانتخابات لولا وجودها”.

وخلال تجمع انتخابي بولاية فيلادلفيا في يونيو الماضي، تحدث ترمب عن المرشحين المستقلين ودورهم في انتزاع الأصوات من الديمقراطيين قائلاً: “كورنيل ويست هو أحد المرشحين المفضلين لدي. وأنا أحبه أيضاً، وجيل ستاين، أحبها كثيراً. هل تعلمون لماذا؟ إنها تأخذ منهم 100% وهو يأخذ منهم 100%”.

ويواجه مرشحو الأحزاب الثالثة والمستقلون في الانتخابات الأميركية صعوبات كبيرة تتعلق بالوصول إلى بطاقات الاقتراع في الولايات المختلفة، إذ تفرض العديد من الولايات قوانين صارمة تتطلب جمع عدد كبير من التوقيعات والتسجيل المبكر.

وفي هذا السياق، رفضت المحكمة العليا الأميركية، الجمعة الماضي، إعادة حزب “الخضر” إلى قوائم الاقتراع في نيفادا، حيث رفض القضاة تعليق حكم صادر عن المحكمة العليا في الولاية، والذي منع الحزب من الترشح بسبب استخدامه نموذجاً خاطئاً أثناء جمع التوقيعات من الناخبين للتأهل للانتخابات.

ومثل حزب “الخضر”، في القضية المحامي جاي سيكولو، الذي عمل في السابق مستشاراً قانونياً لترمب، وفي شهر يونيو الماضي، رفع الحزب الديمقراطي في ولاية نيفادا دعوى قضائية في محكمة الولاية للطعن في وصول “الخضر” إلى بطاقات الاقتراع على أساس أن توقيعاته غير صالحة.

وكان مدير حملة ستاين، جيسون كول، قال لشبكة CBS NEWS: “عندما يضعنا الديمقراطيون في موقف يستدعي منا الاستجابة لتحد قانوني، فإننا سنقبل المساعدة المتاحة لنا، نحن ندرك أن الجمهوريين قد يرغبون في مساعدتنا لأسباب خاصة بهم، لكن دوافعنا هي من أجل الديمقراطية”.

وفي ظل هذه الأجواء، تشتد المعركة الانتخابية بين حلفاء الحزب الجمهوري والديمقراطي خاصة في الولايات المتأرجحة، بهدف حصد وسحب أصوات الناخبين بكل الطرق من المرشح الآخر، خاصة في الأسابيع القليلة المتبقية على الاقتراع.

وتتزايد الاتهامات بين الحزبين بأن حلفاء الحزب الجمهوري يدعمون جيل ستاين، في حين يحاول الديمقراطيون إزالتها من بطاقات الاقتراع في ولايات متأرجحة. 


وأشار عضو الحزب الديمقراطي سامح الهادي، إلى أن “ترمب حرص على دعم وجود مرشحة (الخضر)، على قائمة الاقتراع في عدد من الولايات المتأرجحة مثل ويسكونسن، وذلك لثقته الكاملة أن مثل هذا التصرف “سيحرم الديمقراطيين وهاريس من الأصوات تلك الولايات الحاسمة”.

وعن دور الجمهوريين في دعم مرشحي الأحزاب الثالثة، أشار الخطيب إلى صحة هذا الأمر، وقال إن “الجمهوريين يعتقدون أن الأصوات التي كانت ستذهب لجيل ستاين، ستتحول إلى الديمقراطيين إذا لم تكن موجودة على بطاقات الاقتراع”.

وأردف: “هذا هو الانطباع السائد لديهم، ورغم أن وجود ستاين ليس محورياً في الانتخابات، إلا أن الغضب والإحباط من الديمقراطيين لدى بعض الناخبين الأميركيين قد يكون العامل الحاسم في تحديد نتائج الانتخابات”.

وتحدث ديفيد شولتز، عن هذه التحالفات والدعم المُقدم من الجمهوريين إلى حزب “الخضر”، قائلاً: “هناك شائعات بأن فريق ترمب يشجع دعم ستاين بين الأميركيين العرب في العديد من الولايات المتأرجحة مثل ميشيجان، ولكن لا أعلم ما هي الإجراءات المتخذة”.

وأضاف شولتز، والذي يدرس الدراسات القانونية في جامعة هاملين بشأن قانونية هذا الدعم لحزب آخر في الانتخابات، أنه “لا يوجد شيء غير قانوني طالما لم يتم تقديم رشاوى أو دفع أموال لدعم مرشح طرف ثالث”.

كاتب صحفي لدى موقع ترند نيوز اهتم بمتابعة ورصد اخر الاخبار العربية والعالمية