رؤية نفس الشىء فجأة فى كل مكان.. ما هى ظاهرة “بادر ماينهوف”؟

رؤية نفس الشىء فجأة فى كل مكان.. ما هى ظاهرة “بادر ماينهوف”؟


هل سبق ان فكرت في شيء ما ورأيته أمامك طوال الوقت، مثل رغبتك في شراء سيارة بعينها، لتتفاجىء بمثيلاتها في كل الشوارع التي تمر بها، لا تقلق فتلك ليست حالة فردية، وإنما ظاهرة عقلية تدعى ” بادر-ماينهوف”.


ووفقا لموقع “Very well mind” فإن ظاهرة بادر-ماينهوف، المعروفة أيضًا باسم وهم التردد، هي عبارة عن انحياز معرفي، حيث يبدو شيء ما فجأةً في كل مكان بعد ملاحظته لأول مرة، وينبع هذا التأثير من الانتباه الانتقائي والانحياز التأكيدي، اللذين يدفعان دماغك إلى التركيز على المعلومات الجديدة وتعزيزها.


ما هي ظاهرة بادر ماينهوف؟


“ظاهرة بادر-ماينهوف” هي فكرة أنك ترى شيئًا ما عدة مرات، ثم تبدأ بملاحظة ذلك أكثر، ثم تبدأ بإيجاد طرق للتأكد من أنه الحقيقة الوحيدة، مثل سماع كلمات أغنية تعجبك، ثم تسمعها تتردد في كل مكان حولك لاحقا،  مما يجعلك تشعر وكأن شيئًا ما يحدث بشكل متكرر، بينما في الواقع، أنت ببساطة أكثر وعيًا به.


ويطلق علماء النفس على تلك الظاهرة “وهم التردد”،  يحدث هذا لأنه بمجرد أن يلفت انتباهنا شيء ما، تبدأ أدمغتنا بملاحظة ذلك بشكل أكثر تكرارًا، وفي كثير من الحالات، لا يعني هذا أن المُحفِّز أكثر شيوعًا، بل يعني فقط أنك أكثر انسجامًا معه، فيبدو أنه أكثر شيوعًا مما هو عليه في الواقع.


كيف تحدث تلك الظاهرة؟


قد تبدو رؤية الشيء نفسه في كل مكان علامةً شخصيةً عميقة، لكنها في الواقع نتيجةٌ لكيفية تصفية دماغك للمعلومات المتعلقة بالعالم،  وتحديدًا القيام بعمليتان عقليتان مهمتان، وهما الانتباه الانتقائي والانحياز التأكيدي .


ويعد الانتباه الانتقائي هو القدرة على ملاحظة بعض الأشياء وعدم ملاحظة أشياء أخرى، ونظرا لأننا محاطون بكمية هائلة من المعلومات، لدرجة أن الدماغ لا يستطيع معالجتها وتصنيفها وتذكرها كلها، لذلك يتعين على الدماغ تصفية هذا الكم الهائل من المعلومات، وفرز ما هو غير مهم، والتركيز على التفاصيل المهمة، بينما يتضمن الانحياز التأكيدي البحث عن معلومات تدعم معتقداتنا الحالية وتصديقها، وبمجرد أن نبدأ بملاحظة شيء ما ثم نلاحظه مرارًا وتكرارًا،  فإنه يؤكد فكرة ظهوره بشكل متكرر، حتى لو لم تكن مدركًا لذلك، فقد تبدأ في الاحتفاظ بنوع من السجل الذهني الذي يجعل النمط يبدو حقيقيًا.

أقرأ كمان:  نصائح فعالة لحماية العمود الفقري: خطوة نحو صحة أفضل وجودة حياة محسنة للمجتمعات


أهمية هذه الظاهرة

 


قد تبدو نظرية بادر ماينهوف شذوذًا معرفيًا مثيرًا للاهتمام، لكن إدراك آلية عملها يكشف عن طرق مهمة في عمل العقل، كما أنها تساعدنا على إدراك أن إدراكنا للعالم ليس موضوعيًا تمامًا، حيث يضطر الدماغ إلى تصفية المعلومات باستمرار ليتمكن من استخدام موارده لتحديد أولويات ما هو مهم حقًا، تساعد عمليات التصفية هذه على تسهيل فهم الأمور وتقليل إرهاقها، ولكنها قد تدفعنا أيضًا إلى تجاهل بعض المعلومات أو تحريف تفسيراتنا.


وهذا يُشكّل كل شيء، من كيفية تكوين آرائنا إلى كيفية اتخاذنا للقرارات، على سبيل المثال، عندما تبحث في موضوع ما، قد تبدأ بملاحظة هذا الموضوع في كل مكان. ولأن عقلك قد تعلق به، فإنه يبدو أكثر شيوعًا، مما قد يؤثر على آرائك وخياراتك وإدراكك لما هو “طبيعي”، ويظهر ذلك في كيفية تفاعل الناس مع الأخبار أو تكوينهم صورًا نمطية عن الآخرين، وبمجرد أن تجذبك قصة معينة، ستبدأ برصد المزيد والمزيد من الأمثلة عليها، ويمكن أن يعزز ذلك افتراضاتك ومخاوفك، مما يسهل عليك الوقوع في نمط تفكير معين دون مراعاة وجهات نظر بديلة.


كما يمكن أن يساهم هذا الإدراك للتكرار في ما يُسمى بتأثير الحقيقة الوهمية، لأنه غالبًا ما يُنظر إلى المعلومات المُكررة على أنها أكثر صدقًا من المعلومات الجديدة .


هل يمكنك السيطرة على ذلك الأمر أو منع حدوثه ؟

 


إن إدراك ظاهرة بادر-ماينهوف قد يساعدك على اتخاذ خطوات للحد من هذا التحيز العقلى، ولكن لا توجد طريقة لإيقافه، لأنه ببساطة جزء من آلية عمل دماغك، وفي بعض الحالات، قد يكون مفيدًا بالفعل، إذ يسمح لك بتركيز انتباهك، وملاحظة الأنماط، وتعلم أشياء جديدة.

أقرأ كمان:  احذر الإفراط فى تناول الفيتامينات.. أضرار الجرعات الزائدة من ب6


على سبيل المثال، يقترح الباحثون أنها قد تُشكل أداة تعلّم مهمة في السياقات الطبية، فبمجرد أن يصبح الأطباء أكثر وعيًا بأعراض حالة نادرة، قد تساعدهم ظاهرة بادر-ماينهوف على إدراكها بشكل أفضل عند مواجهتها.


أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها لمنع وهم التردد من التأثير على تفكيرك هي:

 


انتبه لوقت حدوثه : إذا بدا لك أمرٌ ما وكأنه في كل مكان، فحاول أن تتراجع قليلًا وتسأل نفسك: لماذا؟ هل هو أمرٌ تعلمته للتو؟ هل فكرت فيه أكثر؟ هل هو أكثر شيوعًا بالفعل، أم أنك تلاحظه أكثر؟ التفكير فيه قد يُضفي بعض الوضوح.


حافظ على انفتاح ذهنك: بينما يميل الناس إلى أن يكونوا أكثر انفتاحًا عند تعلّمهم لموضوع ما لأول مرة، فإنهم غالبًا ما يبدأون بالتركيز على فكرة واحدة يعتقدون أنها صحيحة، حتى لو لم تكن كذلك، لذلك من المهم دائمًا أن نحافظ على انفتاح ذهننا وأن نكون منفتحين على الآراء والبيانات الأخرى لنُثبت صحة أي فكرة

تحقق من مصادرك : إذا كنت تحصل على معلوماتك من مصدر واحد فقط، ففكّر في توسيع نطاق بحثك والبحث عن مصادر أخرى، و قد تلعب وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا دورًا في وهم التردد، لأنه بمجرد أن تُبدي اهتمامًا بموضوع ما، ستبدأ خوارزميتك تلقائيًا بتقديم المزيد من المحتوى نفسه، مما قد يُشوّه تصوراتك لما هو شائع وذي صلة.


التحقق من صحة المعلومات : ابحث، قدر الإمكان، عن بيانات موضوعية تُساعد في تأكيد أو دحض ما إذا كان موضوع ما أكثر شيوعًا، لذلك شجع نفسك والآخرين على البحث في الموضوع من مواقع موثوقة، واستمر في طرح الأسئلة، وابحث عن المعلومات، وتعلم من أشخاص مختلفين عنك.

 

أقرأ كمان:  أسواق الأسهم الأوروبية تُسجل انخفاضًا مفاجئًا رغم المكاسب الشهرية: هل لا تزال الفرصة قائمة للاستثمار؟

[widget_list 3]

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *