“لجنة واحدة مشلولة”.. من يراقب تمويل الانتخابات الأميركية؟ – ترند نيوز

“لجنة واحدة مشلولة”.. من يراقب تمويل الانتخابات الأميركية؟ – ترند نيوز

ارتبط المال قديماً بالسياسة الأميركية، ويؤرخ لتأثيره المباشر على الانتخابات بواقعة خسارة جورج واشنطن مقعد مجلس النواب في ولاية فيرجينيا عام 1755، وفوزه به في الجولة التالية، بعد إنفاقه حوالى 190 دولاراً على توزيع عصير تفاح، ومشروبات كحولية لجذب الناخبين.

وفي انتخابات 2024، تُنفق ملايين الدولارات، وتشير التوقعات بأنها ستتجاوز انتخابات 2020 المصنفة الأكثر كلفة على الإطلاق، ما يعطي مزيداً من الأهمية للجنة الانتخابات الفيدرالية FEC، المثيرة للجدل باعتبارها “الوكالة الفيدرالية الوحيدة المخولة بإنفاذ قوانين تمويل الحملات الانتخابية”.

ما هي الـ FEC؟

في 24 يوليو 1974، قضت المحكمة العليا بضرورة تسليم الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، أشرطة محادثاته الصوتية في المكتب البيضاوي، في قضية الولايات المتحدة ضد نيكسون، أو القضية المعروفة بـ”ووترجيت”.

ومع استقالة نيكسون عام 1974، على خلفية فضيحة “ووترجيت” المتعلقة بالتنصت على هواتف، وسرقة وثائق سرية، وانتهاكات تمويل الحملات الانتخابية من خلال جمع الأموال سراً وقبول هدايا “غير قانونية” من الشركات، تأسست لجنة الانتخابات الفيدرالية FEC في العام نفسه، للإشراف على تمويل الحملات الفيدرالية، والمشاركة في وضع القواعد، وتنفيذها، والتحقيق في الانتهاكات حول مزاعم النشاط غير القانوني.

أستاذ القانون في جامعة نورث ويسترن، والمتخصص في تمويل الحملات الانتخابية، مايكل كانج، عرّف لجنة FEC بأنها وكالة تنظيمية مستقلة، مكلفة بإدارة وتنفيذ قانون تمويل الحملات الفيدرالية، وأنها الوكالة الفيدرالية الوحيدة المكلفة بإنفاذ قوانين تمويل الحملات الانتخابية.


لكن ربما يكون أهم شيء تفعله لجنة الانتخابات الفيدرالية حالياً، وفقاً لكانج، هو الإشراف على الإفصاح بشأن تمويل الحملات الانتخابية من قبل المرشحين، والأحزاب، واللجان السياسية، والجهات الفاعلة الأخرى في تمويل الحملات.

وقال كانج، في حديثه مع “الشرق”، إن لجنة Federal Election Commission تأسست كجزء من محاولات إصلاح قانون اللجنة الانتخابية الفيدرالية FECA، الذي تم إقراره في عام 1971، وتم تعديله بشكل كبير في عام 1974، بعد فضيحة “ووترجيت”.

تنظيم ورقابة ومساءلة

وكان الهدف من إنشاء اللجنة، زيادة الشفافية في تمويل الحملات الانتخابية، وتقوية الرقابة على كيفية تمويل الحملات السياسية في الولايات المتحدة، وتزويد الجمهور بالقدرة على الوصول إلى المعلومات بشأن الأموال التي تم جمعها وإنفاقها للتأثير على الانتخابات الفيدرالية.

وقال كانج إن اللجنة تعمل على تنظيم وإنفاذ قوانين تمويل الحملات الفيدرالية، وتفرض على المرشحين، والأحزاب السياسية، والمجموعات المستقلة، الإفصاح عن المساهمات التي يتلقونها ونفقاتهم.

وإلى جانب أدوارها التنظيمية والرقابية، تتولى اللجنة أيضاً التحقيق في الانتهاكات المحتملة لقوانين تمويل الحملات، وتفرض العقوبات إذا لزم الأمر.

وعلى مدى العقود الأولى من تأسيسها، تمكنت لجنة الانتخابات الفيدرالية من تطبيق قوانين تمويل الحملات الفيدرالية بنجاح، ما أدى إلى تعزيز الشفافية أمام الناخبين وزيادة المساءلة لدى المرشحين والحملات الانتخابية.

اقرأ أيضاً
اقرأ أيضاً

ترمب وهاريس يتبادلان الانتقادات.. والرئيس السابق: لن تكون هناك مناظرة أخرى

أعلن المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب، إنه لن يشارك في مناظرة ثانية مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، التي دعته لجولة أخرى.

وفرضت اللجنة قوانين تحد من التبرعات والإنفاق الانتخابي، بالإضافة إلى وضع قوانين تنظم التمويل العام للحملات الرئاسية، لكنها لم تكن مطلقة الحرية، إذ يلفت كانج إلى أن الدستور الفيدرالي يحظر إلى حد كبير فرض قيود صريحة على الإنفاق من قبل الأفراد، والمرشحين، واللجان، والأحزاب.

كيف فقدت اللجنة فعاليتها؟

وصف مركز Campaign Legal Center، لجنة الانتخابات الفيدرالية بأنها “أصبحت غير فعالة”. ففي البداية، كان هناك اتفاق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن أهمية قوانين الإفصاح، حيث عمل مفوضون من كلا الحزبين الرئيسيين على تطبيقها وإنفاذها.

لكن تيار في الكونجرس من المعارضين لفرض قيود على تمويل الحملات، تمكن من استغلال هيكل اللجنة وإبطال فعاليتها، من خلال تعيين بها مفوضين معارضين أيديولوجياً لمهمتها، وفقاً لتقرير CLC، وهي مؤسسة غير حزبية معنية بالدفاع عن حقوق الناخبين.

وفي الأساس تتكون لجنة الانتخابات الفيدرالية من 6 مفوضين يتم ترشيحهم من قبل الرئيس، وتأكيد تعيينهم من قبل مجلس الشيوخ. ووفقاً للقانون، لا يجوز أن ينتمي أكثر من 3 مفوضين إلى نفس الحزب السياسي، وهذا يجعل القرارات الصادرة عن اللجنة ثنائية الحزبية، لأن الأمر يتطلب 4 أعضاء لاتخاذ أي قرار أو إجراء، بما في ذلك فتح تحقيق، أو تقييم غرامة، أو كتابة قواعد جديدة.

وفي حين تم تصميم هذه القواعد، في الأساس، لمنع الحزبين الرئيسيين من تحويل لجنة الانتخابات الفيدرالية إلى مؤسسة حزبية، فإن اشتراط أغلبية 4 أصوات لاتخاذ إجراءات جوهرية يعني، أيضاً، أن 3 مفوضين من نفس الحزب، يعملون معاً، يمكنهم ترك الوكالة في حالة من الجمود.

تقرير CLC كشف أن أعضاء الكونجرس الذين يعارضون الشفافية، ويرحبون بالإنفاق السري غير المحدود، منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عملوا على ضمان أن يشغل الأشخاص المعارضون للمهمة الأساسية للوكالة، 3 من تلك المقاعد.

وفشل هؤلاء المفوضون في إنفاذ القانون ضد المصالح الخاصة الديمقراطية والجمهورية.

بين عامي 2012 و2019، زاد إنفاق المجموعات الخارجية على الانتخابات بشكل كبير، وأصبح التنسيق بين لجان العمل السياسي الفائقة SUPER PACs والمرشحين أمراً شائعاً، وبحسب CLC، وصلت لجنة الانتخابات الفيدرالية إلى طريق مسدود في مسائل التنفيذ، ورفضت في كثير من الأحيان حتى التحقيق في الانتهاكات المزعومة، على الرغم من المعلومات العامة المتاحة التي تدعمها.

ونتيجة لهذا، لم تتمكن اللجنة من التصرف بشأن قضايا رئيسية كالإنفاق السري من خلال المنظمات غير الربحية، التي قد تشارك في الأنشطة السياسية دون الكشف عن تمويلها، أو هويات المانحين الوهمية المستخدمة، لإخفاء المصادر الحقيقية للإنفاق الانتخابي، والتنسيق غير القانوني بين المرشحين، ولجان العمل السياسي.

قواعد نادرة التطبيق

بسبب الانقسامات الحزبية الحادة بين المفوضين، أصيبت لجنة الانتخابات الفيدرالية بـ”الشلل” لسنوات، لكنها، هذا العام، أقرت تغييرات على القواعد لتحسين الشفافية فيما يتعلق بالإعلانات السياسية عبر الإنترنت. وصوّت المفوضون لفتح إجراء للنظر في تحرير القواعد التي تحكم متى يمكن للمرشحين استخدام أموال حملتهم لدعم أنفسهم وأسرهم أثناء الترشح لمنصب.

لكن القواعد التي تضعها اللجنة نادراً ما يتم تطبيقها.

أشار مركز “برينان للعدالة” إلى قضية citizen united ضد لجنة الانتخابات الفيدرالية، وهي القضية التي أصدرت فيها المحكمة العليا قرار، في 21 يناير 2010، ألغى قيود تمويل الحملات الانتخابية، وسمح للجان السياسية المستقلة بجمع وإنفاق أموال غير محدودة في الانتخابات طالما كانت تعمل بشكل مستقل عن المرشحين أو الأحزاب السياسية.

وأشار تقرير مركز”برينان” أنه في السنوات التالية للقرار، بدأت العديد من المجموعات في العمل جنباً إلى جنب مع المرشحين، مما جعلها فعلياً “حملات ظل”. وقد أدى ذلك إلى تدفق الشكاوى إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية، التي نادراً ما حققت في هذه الادعاءات، “خلال 14 عاماً تقريباً منذ القرار، أطلقت الوكالة عدداً قليلاً من التحقيقات بشأن انتهاكات محتملة للتنسيق، دون فرض أي غرامات”.

وأكد التقرير أن “الأموال المظلمة”، وهي أموال الحملات الانتخابية التي لم يتم الكشف عنها علناً، وبالتالي تأتي من مصادر غير معروفة، والتي بلغت أكثر من مليار دولار في انتخابات 2020 و 615 مليوناً في انتخابات 2022، جاء نتيجة لثغرات قانونية، حيث أن العديد من المجموعات التي ينبغي أن تسجل كلجان عمل سياسي وتكشف عن مانحيها لا تفعل ذلك، “ما يؤدي إلى شكاوى لا يتم التحقيق فيها”.

كاتب صحفي لدى موقع ترند نيوز اهتم بمتابعة ورصد اخر الاخبار العربية والعالمية