الانسداد الرئوي.. أعراض وطرق علاج عيب خلقي يظهر عند الولادة

الانسداد الرئوي.. أعراض وطرق علاج عيب خلقي يظهر عند الولادة

إن الانسداد الرئوي الخلقي إحدى مشكلات القلب التي تظهر عند الولادة، أي أنه عيب خلقي في القلب، وفي هذه الحالة، لا يتكون الصمام الذي يساعد على نقل الدم من القلب إلى الرئتين بشكل صحيح، وهذا الصمام يُعرف بالصمام الرئوي.

وتتشكل طبقة صلبة من الأنسجة بدلاً من الصمام الذي يفتح ويغلق، لذلك لا يتمكن الدم من التدفق في مساره الطبيعي للحصول على الأكسجين من الرئتين، وبدلاً من ذلك، يتدفق بعض الدم إلى الرئتين من خلال ممرات طبيعية أخرى موجودة في القلب وشرايينه، ويحتاج الجنين في الرحم إلى هذه الممرات الأخرى، إلا أنها تنغلق عادةً بعد الولادة بفترة قصيرة.

والانسداد الرئوي الخلقي حالة تهدد الحياة، وتحتاج إلى علاج طارئ، ويشمل العلاج إجراء جراحة لترميم القلب، واستخدام الأدوية لمساعدة القلب على الأداء بشكل أفضل.

أعراض الانسداد الرئوي الخلقي

يمكن رؤية أعراض الانسداد الرئوي الخلقي بعد الولادة مباشرةً، وقد تشمل:

  • تحول لون الجلد أو الشفاه أو الأظافر إلى الأزرق أو الرمادي بسبب انخفاض مستويات الأكسجين، ويختلف مدى سهولة ملاحظة تغيرات لون الجلد أو صعوبتها حسب لون الجلد.
  • التنفس السريع أو ضيق النفس.
  • التعب سريعاً.
  • عدم التغذية بشكل جيد.

أسباب الانسداد الرئوي الخلقي

لا يُعرف السبب وراء الانسداد الرئوي الخلقي بشكل واضح، إذ يبدأ تشكُّل قلب الجنين، ويأخذ في النبض خلال الأسابيع الستة الأولى من الحمل.

ويبدأ أيضاً تكوُّن الأوعية الدموية الرئيسية التي تمتد من القلب وإليه خلال هذه الفترة الحرجة، وقد يبدأ ظهور عيوب القلب الخلقية، مثل الانسداد الرئوي الخلقي، خلال هذه المرحلة من نمو الطفل.

كيف يعمل القلب؟

لفهم كيفية حدوث الانسداد الرئوي الخلقي، قد يكون من المفيد معرفة كيفية عمل القلب.

يتكون القلب الطبيعي من أربع حجرات: توجد حجرتان علويتان تسميان الأذينين وحجرتان سفليتان تسميان البطينين.

يضخ الجانب الأيمن من القلب الدم إلى الرئتين، وفي الرئتين، يلتقط الدم الأكسجين، ثم يعيده إلى الجانب الأيسر من القلب، وبعد ذلك يضخ الجانب الأيسر من القلب الدم عبر الشريان الرئيسي للجسم الذي يُعرف بالشريان الأورطي. ثم ينتقل الدم إلى بقية أعضاء الجسم.

في الانسداد الرئوي الخلقي، لا يتكون الصمام الرئوي بالشكل الطبيعي، لذا لا يتمكن من الانفتاح. ولا يمكن للدم حينئذٍ أن يتدفق من البطين الأيمن إلى الرئتين.

قبل الولادة، لا يؤثر عدم وجود فتحة للصمام الرئوي في الأكسجين الذي يصل إلى الطفل. وذلك لأن الطفل يحصل على الأكسجين من النسيج الذي يربط الطفل بالرحم، ويُعرف بالمَشيمة. يدخل الدم الغني بالأكسجين من المَشيمة إلى حجرة القلب العلوية اليمنى للطفل.

بعد ذلك، يمر الدم الذي يدخل إلى الجانب الأيمن من قلب الطفل عبر ثقب بين الحجرتين العلويتين لقلب الطفل، ويُعرف هذا الثقب باسم الثقب البيضاوي، وهو يسمح للدم الغني بالأكسجين بالانتقال إلى بقية جسم الطفل عبر الشريان الأورطي.

بعد الولادة، تكون ثمة حاجة إلى الرئتين للحصول على الأكسجين، ولكن في حالة الانسداد الرئوي الخلقي وتعطل عمل الصمام الرئوي، يجب أن يجد الدم طريقًا آخر للوصول إلى رئتي الطفل.

عيب الحاجز البطيني

يمكن أن يعبر الدم من الجانب الأيمن للقلب عبر الثقب البيضاوي إلى الجانب الأيسر للقلب، ومن هناك يمكن ضخه إلى الشريان الأورطي، وتحتوي أجسام الأطفال حديثي الولادة على فتحة مؤقتة تُسمى القناة الشريانية بين الشريان الأورطي والشريان الرئوي، وتتيح هذه الفتحة انتقال بعض الدم إلى الرئتين، ومن هناك يلتقط الدم الأكسجين ليرسله إلى بقية جسم الطفل.

تُغلق القناة الشريانية غالباً بعد الولادة بوقت قصير. لكن يمكن للأدوية أن تبقيها مفتوحة، وفي بعض الأحيان، يكون هناك ثقب ثانٍ في النسيج الموجود بين حجرات الضخ الرئيسية في قلب الطفل، ويُسمى هذا الثقب عيب الحاجز البطيني (VSD).

يسمح عيب الحاجز البطيني بتدفق الدم من حجرة القلب السفلية اليمنى إلى حجرة القلب السفلية اليسرى، وغالباً ما تكون لدى الأشخاص المصابين بالانسداد الرئوي الخلقي وحالة عيب الحاجز البطيني تغيرات أخرى في الرئتين والشرايين التي تنقل الدم إلى الرئتين.

إذا لم يكن عيب الحاجز البطيني موجوداً، فسيصل إلى حجرة القلب السفلية اليمنى تدفق دم قليل قبل الولادة. وغالباً لا تتكون الحجرة بشكل كامل. وتُسمى هذه الحالة الانسداد الرئوي الخلقي المصحوب بسلامة الحاجز البطيني (PA/IVS).

الوقاية من الانسداد الرئوي الخلقي

قد تكون الوقاية من الانسداد الرئوي الخلقي غير ممكنة، ولكن من المهم الحصول على رعاية سابقة للولادة جيدة. هناك بعض الأمور التي يمكنكِ اتباعها قبل فترة الحمل، أو خلالها قد تساعد على تقليل خطر إصابة الطفل بعيوب القلب الخلقية. ومنها:

  • السيطرة على الحالات المرضية الأخرى: إذا كنتِ مصابة بداء السكري، فاحرصي على مراقبة نسبة السكر في الدم، وبالنسبة إلى الحالات المرضية الأخرى التي تتطلب أدوية، تحدثي إلى اختصاصي الرعاية الصحية بشأن تناول هذه الأدوية خلال فترة الحمل.
  • الامتناع عن التدخين والابتعاد عن المدخنين الآخرين: إذا كنتِ مدخنة، فأقلعي عن التدخين؛ فالتدخين أثناء فترة الحمل يزيد خطر التعرض لحدوث عيوب خلقية في قلب الجنين.
  • الوصول إلى وزن صحي: تزيد السمنة خطر إنجاب طفل مصاب بعيب خلقي في القلب.
  • تلقّي اللقاحات الموصى بها: يمكن أن تسبب الإصابة بالحصبة الألمانية، أثناء فترة الحمل، حدوث مشكلات في نمو قلب الجنين. ويمكن إجراء اختبار دم قبل حدوث الحمل لتحديد ما إذا كنتِ محصَّنة ضد الحصبة الألمانية أم لا، ويتوفر لقاح للسيدات غير المحصَّنات ضد الحصبة الألمانية.

تشخيص الانسداد الرئوي الخلقي

عادةً ما تُشخص الإصابة بالانسداد الرئوي الخلقي بعد الولادة بفترة قصيرة. تُجرى الاختبارات للتحقق من صحة قلب المولود.

قد تشمل اختبارات تشخيص الانسداد الرئوي الخلقي ما يأتي:

  • قياس التأكسج النبضي: يسجل مستشعر يوضع على طرف الإصبع كمية الأكسجين في الدم. وقد يشير انخفاض كمية الأكسجين انخفاضاً كبيراً إلى وجود مشكلة في القلب أو الرئة.
  • تصوير الصدر بالأشعة السينية: تُظهر الأشعة السينية على الصدر حجم القلب والرئتين وشكلهما.
  • تخطيط كهربية القلب (ECG أو EKG): يسجِّل هذا الفحص السريع وغير المؤلم النشاط الكهربائي للقلب. ويُظهر كيفية نبض القلب. وفيه توضع لصيقات جلدية تُعرَف باسم الأقطاب الكهربائية على الصدر، وأحياناً على الذراعين والساقين. وتتصل اللصيقات الجلدية عبر أسلاك بجهاز حاسوب يطبع النتائج أو يعرضها.
  • مخطط صدى القلب: يَستخدم هذا الاختبار موجات صوتية لتكوين صور للقلب أثناء نبضه. وعادةً ما يكون مخطط صدى القلب الفحص الرئيسي لتشخيص الانسداد الرئوي الخلقي. ويوضح الفحص كيفية انتقال الدم عبر القلب وصماماته. في حال إجراء مخطط صدى القلب لجنين قبل ولادته، فإنه يُطلق عليه مخطط صدى القلب الجنيني.
  • قسطرة القلب: يمرر الطبيب أنبوباً رفيعاً، يُسمى أنبوب القسطرة، عبر أحد الأوعية الدموية في الذراع أو الأُربية وصولاً إلى أحد الشرايين في القلب. تمرَّر الصبغة عبر أنبوب القسطرة، حيث تساعد على إظهار شرايين القلب بشكل أوضح في صور الأشعة السينية. ويمكن أن يقدم الاختبار معلومات تفصيلية عن تدفق الدم وكفاءة عمل القلب. ويمكن أن تنفَّذ أثناء قسطرة القلب بعض إجراءات علاج القلب.

علاج الانسداد الرئوي الخلقي

يحتاج الأطفال الرُّضع إلى رعاية طبية طارئة عند ظهور أعراض الانسداد الرئوي الخلقي، ويعتمد اختيار العمليات الجراحية، أو الإجراءات على مدى شدة الحالة.

أدوية الانسداد الرئوي الخلقي

يمكن إعطاء الدواء من خلال الوريد (IV) لإبقاء القناة الشريانية مفتوحة، وهذا ليس علاجاً طويل الأمد للانسداد الرئوي الخلقي، ولكنه يمنح اختصاصي الرعاية الصحية مزيداً من الوقت لتحديد نوع الجراحة أو الإجراء الأفضل.

جراحات الانسداد الرئوي الخلقي

في بعض الأحيان، يمكن علاج الانسداد الرئوي الخلقي باستخدام أنبوب رفيع وطويل يُسمى أنبوب القسطرة. يضع الطبيب الأنبوب في وعاء دموي كبير في منطقة الأُربية لدى الطفل، ويوجه هذا الأنبوب إلى القلب. وتتضمن الإجراءات المعتمدة على أنبوب القسطرة للانسداد الرئوي الخلقي ما يأتي:

  • فغر الحاجز الأذيني بالبالون: يُستخدم بالون لتوسيع الفتحة الطبيعية في الجدار بين حجرتي القلب العلويتين. تُسمى هذه الفتحة الثقب البيضاوي، وفي أغلب الأحيان تنغلق بعد الولادة بفترة وجيزة. ويؤدي توسيع الفتحة إلى تسهيل تحرك الدم من الجانب الأيمن من القلب إلى الجانب الأيسر.
  • تركيب دعامة: قد يضع الطبيب أنبوباً غير مرن يُسمى دعامة في القناة الشريانية لمنع انغلاقها. ويحافظ ذلك على تدفق الدم إلى الرئتين.

غالباً ما يحتاج الأطفال الرُّضع المصابون بالانسداد الرئوي الخلقي إلى عديد من العمليات الجراحية في القلب بمرور الوقت. ويتوقف نوع جراحة القلب اللازمة على حجم حجرة القلب اليمنى السفلية والشريان الرئوي.

تشمل أنواع جراحات الانسداد الرئوي الخلقي ما يأتي:

  • زرع تحويلة: ينطوي ذلك على إنشاء ممر جديد ليتدفق منه الدم يُسمى تحويلة مجازة. وتبدأ هذه التحويلة من الوعاء الدموي الرئيسي المؤدي إلى خارج القلب، الذي يُسمى الشريان الأورطي، وحتى الشرايين الرئوية. ويؤدي ذلك إلى تدفق قدر كافٍ من الدم إلى الرئتين. لكن تختفي عادةً هذه التحويلة في غضون عدة أشهر لدى معظم الأطفال الرُّضع.
  • إجراء غلين: في هذه الجراحة، يُوصَّل أحد الأوردة الكبيرة التي تُعيد الدم إلى القلب بالشريان الرئوي. ويحافظ وريد كبير آخر على تدفق الدم إلى الجانب الأيمن من القلب. بعد ذلك، يضخ القلب هذا الدم عبر الصمام الرئوي الذي جرت معالجته. ويمكن أن يساعد ذلك على نمو البطين الأيمن.
  • إجراء فونتان: إذا ظلت حجرة القلب السفلية اليمنى على حجمها الصغير جداً الذي يعوقها عن أداء عملها، فقد يستخدم الجراحون هذا الإجراء لإنشاء ممر. ويسمح هذا الممر لمعظم الدم الوارد إلى القلب، إن لم يكن كله، بالتدفق إلى الشريان الرئوي.
  • زراعة القلب: في بعض الحالات، يكون القلب متضرراً لدرجة أنه لا يمكن علاجه. ومن ثَم، قد يلزم إجراء زراعة القلب.
    إذا كان الطفل الرضيع مصاباً أيضاً بعيب الحاجز البطيني (VSD)، فسيخضع لجراحة لترقيع الثقب. ثم يُنشئ الجراح وصلة من حجرة ضخ الدم اليمنى إلى الشريان الرئوي. وقد يُستخدم صمام اصطناعي في عملية الترميم هذه.

كاتب صحفي لدى موقع ترند نيوز اهتم بمتابعة ورصد اخر الاخبار العربية والعالمية