قال الداعية الإسلامي عمرو خالد إن أسوأ ما يفسد العلاقات بين الناس هو الإهمال، عدم الإحساس، فقر التواصل، غياب الرحمة والشفقة والحنان، في حين أن الرحمة والشفقة والإحساس العميق بالناس هم أصل سنته صلى الله عليه وسلم.
وكشف خالد في ثامن حلقات برنامجه الرمضاني “نبي الإحسان” عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في كسب قلوب الناس وحماية علاقاته، من خلال ما سماه “الوعي بالعلاقات”، وهو الإحساس بالأشخاص المحيطين بك؛ ومن ذلك قوله للسيدة عائشة رضي الله عنها: «إنِي لأعلم إذا كنتِ عنِي راضية وإذا كنتِ عليَّ غَضْبَى. قالت: فقلت: مِن أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنتِ عني راضية فإنكِ تقولين: لا وربِّ محمد، وإذا كنتِ علي غَضبى قلتِ: لا وربِّ إبراهيم. قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهْجُرُ إلا اسمك”.
كما شدد المتحدث على أهمية الوعي بمشاعر الابنة من قبل الأب، وعدم رفض زواجها بلا سبب، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا أرى للمتحابين إلا الزواج”.
وحدد خالد، طرق تنمية الوعي بالآخرين على النحو التالي:
-إرادة الوعي
-فن الاستماع والتفقد المستمر، فقد كان رسول الله يتفقد أصحابه.
-إظهار الاهتمام ولو بالكلمة الطيبة.
وقال خالد إن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتفقد الناس أولاً ثم الرحمة والحنان والشفقة والإحساس العميق بهم وباحتياجاتهم، ويعطيهم من الحنان والاهتمام وفق رؤيته له؛ لكنه أوضح أن هناك شرطًا أساسيًا حتى تستطيع أن تفعل ذلك وتداوم عليه مع كل من حولك، وهو أن تبدأ بالإحسان في عبادة الله… “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه”، تفّعل إحساسك بالله، وكلما فعّلت إحساسك بالله زادت قدرتك على إحساسك بالناس.
وأرجع الداعية ذلك إلى كون معاملة البشر ليست بالأمر السهل، فالإنسان محتاج إلى طاقة روحية ونفسه كبيرة، وهذا هو إحسان العبادة، لأنه كلما حسنت عبادتك وزاد إحساسك سهلت عليك وزادت قدرتك على العطاء للناس حنانًا ورحمة واهتمامًا وشفقة.
شهداء أحد
سرد خالد قصصًا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تظهر حنانه وإحساسه بمن حوله؛ ذلك أنه لما هُزم المسلمون في غزوة أحد واستشهد 70 من الصحابة طلب أن يُدفن كل اثنين معًا، وأثناء ذلك طلب من الصحابة البحث عن عمرو بن الجموح وعبدالله بن حرام، لأنهما كانا متحابين في الدنيا فأحب أن يدفنا سويًا.
صاحبة القلادة
أبرز خالد قصة أمية بنت قيس الغفارية، “صاحبة القلادة” في معركة خيبر، وذلك حين خرجت وهي مازالت طفلة في العاشرة من عمرها مع الناس لمداواة الجرحى من المسلمين، حيث أركبها النبي خلفه، ولما فتح الله خيبر أعطاها قلادة تزين عنقها وعلقها بيده عليه، تقول: “فوالله لا تفارقني أبدًا”؛ فكانت في عنقها حتى ماتت وأوصت بأن تدفن معها.
معاذ بن جبل
روى المتحدث قصة معاذ بن جبل مع النبي في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، ذلك أن الرسول أعده وعلمه الفقه على يده، وقبل وفاته بـ 6 أشهر أرسله لليمن يعلم أهله الدين، وكان في عمر 22 سنة، فسار معه لمدة ساعة خارج المدينة، ومعاذ يطلب منه أن يوصيه، وقد أمسك بيديه، يقول معاذ: “فقلت يكفي هذا.. عد يا رسول الله”، لكن النبي خشي عليه أن يرجع فلا يجده فيصدم نفسيًا فمهد له بأنه سيموت، قائلاً: “يا معاذ! إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري”، فبكى معاذ لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قصة حسان بن ثابت
قال خالد إن الشاعر حسان بن ثابت ترك الشعر بعد إسلامه ظنًا منه أنه حرام، وصار يشعر بأنه بلا دور، وبأنه عالة على المسلمين، فقد كان ضعيفًا لا يقوى على حمل السيف، فأحس النبي صلى الله عليه وسلم بأنه فقد حيويته فقرّب منبره الخاص إليه ليصعد عليه، فيما لا أحد يصعد عليه إلا هو، وقال له: قل يا حسان ورُوحُ القدس يؤيدك .. قل يا حسان وجبريل يؤيدك .. ودافع عن دين الله بشعرك يا حسان. جبريل بات يهبط خصيصا لأجل تأييد حسان بن ثابت، فحولت تلك الكلمات وذلك التأييد الخاص قصائده جنودًا، وأبياته سهامًا تنخر معنويات أعداء النبي صلى الله عليه وسلم. وبات حسان بعد ذلك موثقًا لغزوات النبي عليه الصلاة والسلام ومشاهده، حتى إذا ما قرأت شِعْرَهُ كأنك حاضر بدرًا، وأحدًا، وفتح مكة.
قصة أبي بن كعب
ذكر الداعية أنه في غزوة أحد مات 70 شهيدًا، من بينهم 62 شهيدًا من الأنصار، وقد مات لأبي، وكان من الأنصار، كثير من أهله في تلك الغزوة، فتأثرت نفسيته بشدة، وأحس به النبي صلى الله عليه وسلم، وزاره في الليل، وقال له: إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب، قال: وسماني، قال: نعم فبكى.
بكاء النبي على السيدة خديجة
روى خالد أنه لما ماتت السيدة خديجة رضي الله عنها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم متعلقًا بها، بكى عليها كثيرًا، ولما جاءته امرأة تقول له: يا رسول الله أفلا تتزوج؟، تقول: فأخفض رأسه وسكت طويلاً، ودمعت عيناه، حتى قالت ليتني ما سألته، وقال لها: وهل بعد خديجة أحد؟.
زواجه من السيدة سودة بنت زمعة
قال المتحدث إن أول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد السيدة خديجة كانت السيدة سودة بنت زمعة، وكان عمرها 60 سنة، وكانت أكبر منه وسمينة جدًا، وتزوجها لأنه كانت فيها طيبة، وكانت أول أرملة في الإسلام، ومن قبيلة كبيرة، فلما مات زوجها السكران بن عمرو أثناء مرافقتها له خلال الهجرة الثانية للحبشة شمت فيها والدها، ورفضت قريش أن تتعامل معها؛ وقد تزوج النبي بعدها السيدة عائشة وأمهات المؤمنين الأخريات، وتنازلت عن ليلتها للسيدة عائشة.
" frameborder="0">
0 تعليق