هذه أسباب محاولات برلمانيين ونشطاء أوروبيين زيارة الصحراء المغربية - ترند نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت الأشهر الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في محاولات سياسيين ونشطاء أوروبيين موالين لجبهة البوليساريو للوصول إلى الصحراء المغربية، في خطوة أثارت تساؤلات حول دوافعها وتوقيتها.

وتأتي هذه التحركات في ظل تغيرات دبلوماسية كبيرة، بعد إعلان دول أوروبية بارزة مثل فرنسا وإسبانيا دعمها مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع، ما يعكس تراجعًا في نفوذ البوليساريو والجزائر على الساحة الدولية، ويثير فرضية ارتباط هذه الزيارات برد فعل على هذا التحول.

في هذا السياق يرى مراقبون أن هذه المحاولات قد تكون محاولة لاستعادة زخم داعم للبوليساريو في أوروبا، خاصة على المستوى غير الرسمي، بينما يواصل المغرب تعزيز موقفه عبر شراكات دولية واسعة.

وكان ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اعتبر أن محاولة أربعة نواب من البرلمان الأوروبي واثنين من مرافقيهم دخول مدينة العيون، في فبراير الماضي، “محاولة تشويش ليس لها أي تأثير”، مشدداً على أن “زيارة المغرب، على غرار كل دول العالم، سواء كانت رسمية أو سياحية أو تتعلق بمهام معينة، تخضع لإجراءات تنظيمية واضحة وفي إطار منظم وفق القوانين الجاري بها العمل”.

وهذا الرد الرسمي هو ذاته الذي أدلت به الحكومة المغربية سنة 2013، حين تم منع دخول نواب برلمانيين أوروبيين راغبين في زيارة الصحراء المغربية، إذ أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة آنذاك، مصطفى الخلفي، أن “هناك إطارا مؤسساتيا بين المغرب والاتحاد الأوروبي عامة، وبين البرلمان الأوروبي والبرلمان المغربي خاصة، ينظم مثل هذه الزيارات”.

ويرى خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الحقوق بوجدة، أن تزايد محاولات النشطاء الأوروبيين الموالين للبوليساريو للوصول إلى الصحراء المغربية “يتناسب مع حجم الخسارات الدبلوماسية التي تكبدتها الجبهة والجزائر في السنوات والأشهر الأخيرة”.

وأوضح شيات، ضمن تصريح لهسبريس، أن المواقف المتتالية والمتزامنة للدول الأوروبية الداعمة للوحدة الترابية للمغرب، والمؤكدة لمحورية مقترح الحكم الذاتي كحل نهائي، “دفعت الجزائر والبوليساريو للجوء إلى المجال غير الرسمي، حيث تمتلكان علاقات تاريخية تعود إلى الحرب الباردة، حين سوقت الجزائر نفسها كداعمة لتقرير المصير والقوى التحررية”، مشيرا إلى أن “هذه العلاقات نشأت بالتوافق مع تيارات سياسية أوروبية، خاصة اليسار الجذري، تبنت مواقف داعمة للبوليساريو عبر تسويق أفكار مرتبطة بالقضية على مستوى القواعد الشعبية والبرلمانات الوطنية والهيئات المدنية وحتى البرلمان الأوروبي”.

وأبرز المتحدث أن الجزائر “تفعّل هذا الإرث التاريخي كلما احتاجت إلى زخم، مستندة إلى جيل سُوق له أن القضية هي قضية تحرر وتقرير مصير؛ وهي رؤية عززتها أعمال مكثفة في المجال المدني الأوروبي، من تشبيك العلاقات الثقافية والأهلية إلى دعم الأبحاث العلمية في الجامعات”.

وتابع الخبير في العلاقات الدولية بأن “الجزائر استثمرت في هذا المجال عبر تمويل أبحاث وجمعيات وتقديم مساعدات غير مباشرة، ما خلق ترابطًا كبيرًا بين هذه المجموعات ومواقفها، بينما كان المغرب منشغلاً بالعمل الرسمي والقانوني الدولي”، معتبراً أن هذه التحركات “مدعومة بجهود جزائرية عاطفية وريعية، ما يجعلها استجابة طبيعية للتناقض بين الفعل الحكومي المغربي القوي والفعل المدني الجزائري”، ومؤكداً أن هذه الظاهرة “ستستمر ما دامت الجزائر تمتلك هذه الأدوات، إضافة إلى اعتمادها على قراءة نصية جافة للقانون الدولي واستغلال مؤسسات أوروبية كالبرلمان والمحاكم”.

من جانبه أكد الحسين كنون، محام رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، أن هذه المحاولات “تأتي في وقت أدرك منفذوها أن المغرب اقترب من إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء بفضل اعترافات دولية متتالية”، مشيراً إلى دعم فرنسا وإسبانيا الأخير لمقترح الحكم الذاتي كحل جدي، إلى جانب مواقف الولايات المتحدة، ألمانيا، البرتغال، دول الكاريبي، الخليج، وإفريقيا.

واعتبر كنون، في حديث لهسبريس، أن “هؤلاء النشطاء يعملون بأجندة ممولة من إتاوات الجزائر المستمدة من أموال الغاز”، مبرزاً أن هذه المحاولات “سواء نجحت في الوصول إلى الصحراء أم لا لن تغير من مواقف الحكومات الرسمية التي يُعتد بها”؛ كما أشار إلى أن “دولاً كانت تدور في فلك البوليساريو بدعم الجزائر، متبنية شعارات تقرير المصير منذ الحرب الباردة، لكن هذه الأيديولوجيا انتهت، والعلاقات اليوم تقوم على منطق رابح-رابح”.

من جانب آخر يرى المحامي ذاته أن زيارات هؤلاء النشطاء “قد تكون فرصة لمراجعة أفكارهم، حيث يشاهد الزائر إلى الصحراء المغربية البنية التحتية، من طرق ومدارس ومستشفيات، ما قد يدفعه للاعتراف بجهود المغرب في البناء والتشييد للأرض والإنسان”، مذكّراً بالمبادرات المقدمة من قبل المغرب، كالبوابة الأطلسية وميناء الداخلة الأطلسي، إضافة إلى استثمارات شركات متعددة الجنسيات في الأقاليم الجنوبية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق