يواصل وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، “حملته القانونية” ضد جمعيات “حماية المال العام”، مشددا هذه المرة على أن “هذه الجمعيات لا يمكن تمكينها من حق تنصيب نفسها كطرف مطالب بالحقّ المدني”، وسجّل أنها “تدفع بمغالطات جمّة بخصوص المال العام”، مردفا: “ليس هناك مال بهذا التوصيف، إنما ثمّة اعتمادات متحصّلة من الجبايات تختار الدولة أين تصرفها، وهي مسؤولة عنها أمام البرلمان ولجان التفتيش”.
وأضاف وهبي، خلال مناقشة المادة 7 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، اليوم الأربعاء، أن “المال العام ‘ماشي سايب’ حتى يأتي طرف آخر ويطالب بالحقّ المدني فيه”، معتبرا أن “الرقابة عمل برلماني، فالمؤسسة التشريعية تختار متى تنادي على الحكومة لتستفسر حول صرف اعتمادات في جهة معينة”، وقال: “المجال الضريبي اختصاص مطلق للبرلمان، وحتى المؤسّسات الأخرى، كالمحاكم، ترى الاختلالات الجنائية المرتبطة بالأموال”.
وتنص المادة 7 من المشروع على التالي: “يرجع الحق في إقامة الدعوى المدنية للتعويض عن الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة، لكل من تعرض شخصياً لضرر جسماني أو مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة”، مشيرة إلى أنه “يمكن للجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة والحاصلة على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي، أن تنتصب طرفاً مدنياً، إذا كانت تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات قبل ارتكاب الفعل الجرمي، وذلك في حالة إقامة الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة أو الطرف المدني بشأن جريمة تمس مجال اهتمامها المنصوص عليه في قانونها الأساسي”.
وتساءل الوزير: “ما هو السند القانوني الذي يعتمدُ على مبدأ فقهي واضح يمنح الجمعيات حق المطالبة بالحق المدني؟”، وزاد ساخراً: “إذا مكنّاها من هذا الاختصاص فلا مشكلة من تمكينها أيضا من جمع الضرائب”، وتابع: “لو كان العمل يتم بأناقة وتعال ونظافة فلا إشكال من الناحية الأخلاقية، لكننا من جهة أخرى نمعن في تدمير العملية الديمقراطية. صار المرء يستحي القول إنه برلماني أو رئيس جماعة”.
كما تساءل المسؤول الحكومي: “هل سندافعُ عن المبدأ رغم أنه مسيء؟ أو نضع المبدأ ونوضحه ونترك مع ذلك المجال مفتوحا للهجوم على الدولة والمنتخبين والديمقراطية؟ هل نضحي ونضبط الآن ولاحقا إذا تحسنت الأمور يمكن تعديل النص التشريعي أو ننزع صلاحية التشريع من أيدينا من أجل هاته الجمعيات التي تضرب البرلمان والتشريع؟”، وأردف: “الجمعيات تتعقب المنتخب، وضمنه البرلماني، أي الفاعل الذي تتوفر لديه سلطة التشريع والمراقبة. تريد المنظمات ممارسة السّلطتين معاً”.
وواصل وهبي: “ثمة شيء لا يستقيم في هذه العملية”، وأورد: “حتى في الدين الإسلامي إذا كانت مسألة محرمة يمكن تحليلها للضرورة”، مسجلا أنه “إذا كان ضروريّا أن نخوض هذا النقاش فيجب السير وفق اتجاه محدد (…) لأن هناك عصابات صارت تستهدف المنتخب. هذا المنطق يدعي أن الفاسد الوحيد بالبلد هو المسؤول المنتخب”، وأوضح: “الدفاع عن الديمقراطيّة يجبُ أن يكون بمعناها الواسع”.
وأكد وزير العدل أن “المزايدات تسيء للديمقراطية”، معتبرا أن “هذه الجمعيات تُتابِع لكنها لا تُتَابَع، فبمجرد تحريك المسطرة في حقها تنتفض التنظيمات المنتمية إلى أسرتها جماعةً”، وأضاف: “هناك توجه عصاباتي يستهدف الديمقراطيّة في هذا البلد، بسوء نية (…) ولا يمكن أن نسمح بوضع أيّ جهة يدها على ركيزتين أساسَتين: الدولة والديمقراطية. ‘والله لا خليتهم فيد شي واحد'”.
وزاد وهبي: “هؤلاء الناس يقومون بحملات ضدّ أشخاص باعوا لهم ذممهم، ويجب من جهتنا أن نحرص على جزئيات تهدّد الديمقراطية التي تمنح البرلمان الحق في مساءلة رئيس الحكومة”، مضيفاً أنه “مستقبلاً يمكن أن يكون عمل هذه الجمعيات مستهدفاً للنواب الذين يدافعون عنها اليوم”، وقال مخاطبا النواب: “يجبدو ليكم العجب لي معندكم ويوصلوه للإعلام”.
0 تعليق