غزارة الأمطار تفاقم تهديد حياة قاطني الدور الآيلة للسقوط بالمغرب - ترند نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعادت التساقطات المطرية القوية طيلة أسبوع بعدد من المدن المغربية بثّ حالة من الذعر في صفوف قاطني المباني الآيلة للسقوط وذويهم، ولاسيما بالمدن العتيقة.

ومع اشتداد غزارة التساقطات المطرية التي بلغت ذروتها ومقاييس “استثنائية” بعدد من الأقاليم، ولاسيما شمال ووسط البلاد، سُجلت انهيارات عديدة، سواء في منازل مأهولة بالسكان أو مهجورة، كان من أكثرها فداحة ومأساويةً ما شهدته العاصمة الرباط من وفاة امرأة إثر انهيار منزل عتيق بشكل مفاجئ في منطقة حي العكاري، بالقرب من مستشفى مولاي يوسف.

وخلال الأسبوع ذاته كانت “زنقة العلوج الكبيرة” شاهدة على انهيار جزء من حمّام تقليدي تاريخي أثناء أشغال ترميمه في المدينة العتيقة بفاس، ما أثار القلق بشأن سلامة المباني القديمة في المنطقة العتيقة بإحدى أعرق المدن التاريخية بالمملكة، حيث باشرت السلطات المعنية التحقيق في الحادث، وسط تساؤلات حول جودة عمليات الترميم ومدى سلامة المباني المتداعية في ظل موسم الأمطار.

كما لم تسلْم المدينة القديمة بالقصر الكبير (تحديدا حي الديوان)، قبل منتصف إحدى ليالي هذا الأسبوع، من حادث انهيار سقف الطابق الأول لمنزل، مخلفاً حالة من الرعب في نفوس قاطنيه، حسبما عاينته هسبريس.

وتتفاقم معاناة ساكِني الدور العتيقة المرشحة لانهيارات مفاجئة خلال كل موسم شتاء. كما تخلّف الانهيارات حالة من الهلع في نفوس القاطنين بالمنازل المجاورة للمنزل المنهار.

وعبّر عدد من المتضررين بالمدينة القديمة للقصر الكبير عن تخوفاتهم، خصوصا أن الشقوق والانهيارات الجزئية خطيرة وبإمكانها أن تتسبّب في “كوارث أكبر” في المستقبل، لا قدّر الله.

وفي حالة حي العكاري بمدينة الرباط تؤكد الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط، ضمن معطيات تقنية منشورة على موقعها الإلكتروني الرسمي بشأن برنامج التجديد الحضري، أنها كانت “شرعت في وضع الدراسات الأولية المتعلقة بالتجديد الحضري لحي العكاري كموقع نموذجي”.

كما تقرّ الوكالة بأن “مباني هذا الموقع تعرضت لتدهور كبير، كما يضم عدة مبان مهددة بالانهيار، مع تراجع لافت لوتيرة الإقامات السكنية والاقتصادية”، فضلا عن “إشكالية وجود مشهد حضري متدهور”.

ويرمي برنامج التجديد الحضري بحي العكاري، أساسًا، حسب المعطيات الرسمية ذاتها، إلى “معالجة الموقع في شموليته بتحسين إطاره الحضري المبني وضمان اندماج سوسيو اقتصادي أفضل للساكنة، وتطوير جاذبية الحي الاقتصادية والسوسيو ثقافية”.

ولاستجلاء رأيها وإجراءاتها مواكبةً للأحداث الأخيرة وبعض الانهيارات ربطت جريدة هسبريس الاتصال بمصالح الوكالة، بصفتها المؤسسة المكلفة بمعالجة المباني الآيلة للسقوط طبقا للقانون رقم 12-94، غير أنها لم تتوصل بأي معطيات محيّنة في هذا الصدد (إلى حدود بعد زوال اليوم الخميس).

“تعاطٍ أكثر جدية”

يوسف التدريني، عضو المكتب التنفيذي للشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، أكد أن “موضوع مخاطر الدّور الآيلة للسقوط والانهيار مازال يتجدد كل سنة، خاصة خلال مواسم الشتاء الممطرة”، مشددا على “ضرورة تفاعل السلطات المختصة والمعنية، في التقائيتها وإستراتيجياتها المندمجة، معه بمزيد من الجدية والإرادة الصارمة، مع وضعه في صدارة الأولويات؛ لأن الأمر يمسّ مباشرةً أرواح مواطنات ومواطنين ويهدد سلامة عائلاتهم وحياتهم”.

ولفت التدريني، في تصريح لجريدة هسبريس، إلى أن “استمرار الإشكال كل سنة وفي أحياء مدن عتيقة بعيْنها يؤشر على أن الأمر يتعلق بالإرادة وانتهاج التدخل الاستباقي لمحاولة إيجاد حل لقاطني المنازل المهددة بالانهيارات”، مضيفا أن “الموضوع يجب أن يُعالَج بالجدّية نفسها وتسارع المسطرة اللذين يطبعان ملفات نزع الملكية لأجل المنفعة العامة أو الخاصة”.

ونبه الفاعل المدني بالشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب إلى أن “التراخي أو المماطلة في معالجة بعض ملفات الدور الآيلة للسقوط حتى سقوطها على ساكنيها يشكل عنصر إساءة إلى صورة البلاد عامة، وفي أحياء تقع في قلب العاصمة، في ظل التظاهرات الكبرى المقبلة”.

ورغم تأكيده أن المجتمع المدني “يتابع مجهودات الأوراش الحالية المفتوحة، من أجل الترميم أو الإصلاح أو التجديد الحضري”، يقدر المصرح أن هذه الأوراش “مازالت تحتاج إلى تسريع أكبر نحو حلول تقطع مع تهديد الإشكالية لحياة الناس بشكل متواتر كل سنة”.

أكثر من 13 ألف خبرة تقنية

جدير بالتذكير أن كاتب الدولة في الإسكان، أديب بن إبراهيم، أشار خلال جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، نهاية شهر يناير 2025، إلى أن “معالجة ظاهرة المباني المهددة بالانهيار تصطدم بإكراهات متعددة؛ تتمثل بالأساس في الطابع التطوري لهذا السكن، الذي يصعب التنبؤ به”، مستحضرا “صعوبة تحديد البرمجة وسبل التدخل، بالإضافة إلى محدودية دخل الأسر المعنية وضعف انخراطها في مبادرات التدخل”، ومعتبرا أنه “في ظل غياب رؤية شاملة حول وضعية المنازل بالنسيج العتيق بصفة خاصة، وخارجه بصفة عامة، كان يصعّب على الوزارة وضع تصور واضح”.

وبحسب معطيات قدمها المسؤول الحكومي، حينها، فإن “عملية جرد المباني همّت 38.800 بناية، تلاها إجراء الخبرات التقنية اللازمة لها، مع إعطاء أولوية للمباني المصنفة ضمن دائرة ‘خطر حال’ و’خطر’؛ مع حوالي 13.700 ‘خبرة تقنية’ منجزة بمختلف جهات وأقاليم المملكة”، موردا أنه “تمت إحالة نتائج تقارير الخبرات المنجزة على عمال العمالات والأقاليم باعتبارهم رؤساء اللجان الإقليمية المكلفة بتحديد مدارات المباني الآيلة للسقوط، مع توجيه نسخ منها إلى مجالس الجماعات أو المقاطعات المعنية لاتخاذ القرارات الملائمة بشأنها طبقا لأحكام القانون رقم 12-94”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق