أول إصابة بشرية بـ"حمى كيو" في ليبيا.. هل يهدد المرض الحدود المصرية؟ - ترند نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في - ترند نيوز نقدم لكم اليوم أول إصابة بشرية بـ"حمى كيو" في ليبيا.. هل يهدد المرض الحدود المصرية؟ - ترند نيوز

مصطفى عبدالله

سجلت مدينة الزنتان الليبية أول حالة إصابة بشرية مؤكدة بمرض "حمى كيو" (Q Fever)، وذلك بعد فترة وجيزة من اكتشاف المرض في قطيعين من الأغنام في المنطقة ذاتها.

هذا التطور أثار قلقاً صحياً محلياً وإقليمياً، خاصةً في الدول المجاورة، مثل مصر، ودفع خبراء الصحة العامة إلى تسليط الضوء على هذا المرض حيواني المنشأ وطرق انتقاله والاحتياطات اللازمة.

ويُعد هذا الرصد الرسمي لإصابة بشرية مؤكدة في منطقة شمال إفريقيا تذكيراً بضرورة اليقظة الوبائية، لاسيما في المناطق الحدودية التي تشهد حركة واسعة للثروة الحيوانية.

ما هي "حمى كيو" (Q Fever)؟

حمى كيو (Q Fever) هي عدوى تسببها بكتيريا "كوكسيلا بورنيتي" (Coxiella burnetii).

وهي من الأمراض الحيوانية المنشأ التي تنتقل بشكل أساسي من الحيوانات إلى البشر.

ويُعرف الحرف "Q" في التسمية بأنه اختصار لكلمة Query (استفهام)، نظراً للغموض الذي أحاط بطبيعة المرض عند اكتشافه لأول مرة في أستراليا في ثلاثينات القرن الماضي.

المستودعات الحيوانية للعدوى

تُعد الأغنام، والماعز، والأبقار هي المستودعات الرئيسية لبكتيريا كوكسيلا بورنيتي.

وعادةً ما لا تظهر على هذه الحيوانات أعراض واضحة للمرض، باستثناء احتمالية الإجهاض أو الولادات المبكرة.

وتتركز أعلى مستويات البكتيريا في منتجات الولادة (مثل المشيمة والسائل الأمنيوسي) والروث والحليب.

الأعراض وطرق انتقال العدوى إلى البشر

تُعد طريقة انتقال العدوى إلى البشر أمراً بالغ الأهمية، حيث تُكتسب العدوى بشكل رئيسي عبر:

1. استنشاق الهباء الجوي (Aerosols):

تُعد هذه الطريقة الأكثر شيوعاً والأخطر. فالبكتيريا تُصبح محمولة جواً (Aerosolized) من خلال الغبار الملوث بمنتجات الولادة الجافة للحيوانات المصابة، خاصةً في حظائر الأغنام أو المزارع، ويمكن للرياح أن تحمل هذه الجسيمات لمسافات طويلة.

2. تناول منتجات الحليب غير المبسترة:

يمكن أن ينتقل المرض عبر تناول الحليب الخام أو منتجات الألبان غير المبسترة.

الأعراض البشرية (Acute Q Fever):

تتراوح الأعراض لدى البشر بين عدم الظهور نهائياً (إصابات صامتة) وبين الإصابات الحادة التي تشمل:

-حمى مفاجئة وشديدة (قد تستمر لأكثر من أسبوع).

-صداع حاد (غالباً خلف العينين).

-آلام عضلية شديدة وتعب عام.

-التهاب رئوي غير نمطي (Pneumonia) أو التهاب كبدي (Hepatitis).

وفي نسبة صغيرة من الحالات (أقل من 5%)، قد تتطور العدوى إلى الشكل المزمن، وهو الأكثر خطورة، حيث يصيب صمامات القلب (التهاب الشغاف)، وقد يؤدي إلى الوفاة إذا لم يُعالج.

احتمالية انتقال "حمى كيو" إلى مصر

تزداد المخاوف من انتقال حمى كيو إلى مصر نظراً لعاملين رئيسيين:

1. القرب الجغرافي وحركة الثروة الحيوانية:

تقع مدينة الزنتان الليبية في منطقة قريبة نسبياً من الحدود المصرية الغربية.

يُعد التهريب غير المشروع للحيوانات الحية وعبور الثروة الحيوانية عبر الحدود أحد أعلى عوامل الخطر الوبائي لنقل الأمراض الحيوانية المنشأ، بما في ذلك كوكسيلا بورنيتي. 

فالحيوانات المصابة التي يتم إدخالها دون رقابة بيطرية يمكن أن تنشر البكتيريا بسهولة في المزارع والأسواق المحلية المصرية.

2. الانتشار التاريخي والجهل التشخيصي:

على الصعيد الإقليمي، من المعروف أن بكتيريا كوكسيلا بورنيتي واسعة الانتشار عالمياً.

حتى في حالة عدم تسجيل حالات بشرية رسمية سابقة في مصر، قد تكون هناك حالات تمر دون تشخيص صحيح (نظراً لتشابه أعراضها مع الإنفلونزا أو الأمراض الرئوية الأخرى)، مما يعني أن البكتيريا قد تكون موجودة بالفعل في بعض القطعان الحيوانية.

لذلك، يتطلب الوضع الحالي رفع درجة اليقظة في مصر عبر:

-تشديد الرقابة البيطرية على المنافذ الحدودية الغربية.

-إجراء مسوحات مصلية دورية للقطعان الحيوانية، خاصة الأغنام والماعز المستوردة أو المتنقلة.

-زيادة وعي الأطباء البشريين لاشتباه إصابات "حمى كيو" عند التعامل مع حالات حمى غير مفسرة، خاصة لدى العاملين في قطاع تربية الحيوانات.

الوقاية والعلاج (البروتوكول الصحي)

الوقاية الأساسية تتركز في حماية الأشخاص المعرضين للخطر:

-التوعية البيطرية: يجب على المزارعين والعاملين في المسالخ والعيادات البيطرية ارتداء معدات الحماية الشخصية (الكمامات والقفازات) عند التعامل مع الحيوانات أو منتجات ولادتها.

-التخلص الآمن: التخلص الآمن والسريع من منتجات الولادة الحيوانية الملوثة.

-البسترة: التأكد من استهلاك الحليب ومنتجات الألبان المبسترة فقط.

يتم علاج حمى كيو الحادة عادة باستخدام المضاد الحيوي الدوكسيسيكلين (Doxycycline)، ويكون العلاج فعالاً إذا بدأ في المراحل المبكرة من المرض. أما الشكل المزمن فيتطلب علاجاً مكثفاً ومُركباً يستمر لأشهر.

دعوة للصحة العامة:

إن رصد أول إصابة بشرية في ليبيا ليس مجرد خبر محلي، بل هو مؤشر إقليمي يدعو إلى تفعيل برامج الصحة الواحدة (One Health) التي تدمج جهود الصحة البشرية والبيطرية لمواجهة الأمراض الحيوانية المنشأ العابرة للحدود. 

اقرأ ايضا

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق