ذكرى انتصار أكتوبر.. كيف وثق محمد حسنين هيكل الاستعداد لعاصفة الحرب؟ - ترند نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في - ترند نيوز نقدم لكم اليوم ذكرى انتصار أكتوبر.. كيف وثق محمد حسنين هيكل الاستعداد لعاصفة الحرب؟ - ترند نيوز

محمد حسين
نشر في: الإثنين 6 أكتوبر 2025 - 1:12 م | آخر تحديث: الإثنين 6 أكتوبر 2025 - 1:12 م

تحتفل مصر اليوم بذكرى انتصارها العسكري على جيش الاحتلال الإسرائيلي في السادس من أكتوبر عام 1973، ذلك الانتصار الذي تجسدت فيه ملحمة الإرادة المصرية لاستعادة الأرض، وكسر غطرسة العدو، وتكبيده من الخسائر ما لم يكن يتصوره، في معركةٍ أعادت لمصر والعرب الكرامة والثقة بالقدرة والانتصار، فيما لخصه الرئيس الراحل أنور السادات في خطاب النصر: "إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف، أنه قد أصبح له درع وسيف".

وفي سياق الإعداد لتلك المعركة الكبرى، يقول الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، إن الحركة المتدفقة على كل الطرق ومن مختلف الاتجاهات أصبحت تؤدي إلى موقع بالذات، إلى موضع بالذات، إلى مهمة بالذات، إلى مكان بالذات، وهو موضوع لم يعد ممكنًا أن ينتظر، وبدا أن كل الطرق مؤدية إليه، وهو موضوع القيام بالعملية الكبرى التي تستهدف العبور بالدرجة الأولى.

ووثَّق محمد حسنين هيكل في كتابه "أكتوبر 73.. السلاح والسياسة"، الذي نشرته "دار الشروق"، تفاصيل تلك المرحلة المصيرية، كاشفًا خلفيات القرار المصري بخوض الحرب، وتفاعلاتها السياسية والعسكرية، وكيف تداخلت الإرادة الوطنية مع معادلات القوى الإقليمية والدولية لتصنع ذلك النصر التاريخي.

* الأزمة بين الحل والحرب

يقول هيكل: "كان بندول الحوادث، كبندول الساعة، يتحرك إلى أقصى اليمين ثم إلى أقصى اليسار، باحثًا عن مخرج لأزمة الشرق الأوسط: بالحل إذا كان ذلك ممكنًا، وبالحرب إذا كان ذلك ضروريًا".

ويضيف: "وفي صيف 1973 بدأت حركة البندول على وشك أن تتوقف، فعلى امتداد سنوات جرب الرئيس أنور السادات كل فرصة للحل، ابتداءً من مبادرته يوم 4 فبراير عام 1971، ولقاءاته مع بياليه وجورجن، وحتى اللقاء السري بين مستشار الأمن القومي السيد حافظ إسماعيل، مع مستشار الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر".

ويستكمل: "كانت تلك اللقاءات كلها في مسار واحد: محاولة تجنب الحرب، والوصول إلى تسوية بغير نتيجة، بل إن الأمور زادت سوءًا بامتداد الاتصالات، لأن الطرف الأمريكي، والطرف الإسرائيلي قبله، توصّلا إلى تحليل مشترك للموقف المصري، مؤداه أن مصر لا تقدر على مغامرة الحرب".

ويؤكد في كتابه: "وهكذا فإن خيار الحرب بدا وكأنه قدر مقدور لا يملك أحد منه مهربًا، مهما جرب من الوسائل غيره".

ويشير إلى أن محاولات الحل كانت تُجرى في القاعات الفخمة للأمم المتحدة أو لوزارات خارجية القوى الكبرى والقوى المعنية، وفي قصور الرؤساء والزعماء، وحتى في مزارع أصحاب الملايين من رؤساء الشركات الدولية.

كما أن خطط الحرب كانت تُبحث في غرف العمليات، وعلى الخرائط، وعلى المكاتب في وزارات الدفاع، ورؤساء أركان الحرب، وقادة الأسلحة والجيوش، لكنه بعيدًا عن ذلك كله، كان هناك شيء آخر يحدث على الأرض لا يكاد يراه أحد أو يلحظه أو يأخذه في الحسابات العملية لموازين القوة، أو يدخله كعنصر فاعل في التخطيط والتنفيذ.

* الشعب والجيش.. نواة ذرة على وشك الانفجار

وتابع: "كانت النواة الصلبة للشعب المصري تحت ضغوط شديدة، وكانت هذه النواة على وشك الانفلاق أمام شدة ما تتعرض له، وتلك عملية تفسرها العلوم الطبيعية أكثر مما تفسرها العلوم السياسية، ولعلها أشبه ما تكون بانفلاق ذرة ثقيلة مثل نواة "اليورانيوم 235"، إذ بهاجسها يتناثر نيوترون في مكوناتها، ويؤدي إلى تهييج النواة وتفجيرها وانشطارها، مما يطلق قوة جبارة طاغية لم يكن أحد يتصور أنها كامنة في ذرة لا تكاد تُرى بالعين المجردة".

وأردف: "القوات المسلحة المصرية كانت في نفس الحالة تقريبًا، ذلك أن الضغوط التي اتجهت إلى النواة الشعبية، كانت هي نفس الضغوط التي اتجهت إلى النواة العسكرية، بل لقد كانت درجة حرارة الفاعل الذي انصهرت فيه القوات المسلحة من سنة 1967 إلى سنة 1973 — أكثر سخونة".
وقال: "الشاهد أن هذا الجيش، الذي عاش سنة 1967 محنة لم يكن له دخل في صنعها، ما لبث أن استعاد تماسكه بجهد مستميت أشعله له جمال عبد الناصر، إذ اعتبره مهمة حياته، وقد استنفدها بالفعل في سبيل إعادة بناء القوات المسلحة".

* مسرحية أكتوبر: هيكل يرد على أصحاب نظريات المؤامرة

وأضاف: "من سوء الحظ أن بعض الذين كانوا يعرفون رغبة الرئيس السادات الملحّة في الوصول إلى حلٍّ سلمي، وبينهم من رأوا ولمسوا عن قرب ظواهر إقدامه ثم إحجامه عن قرار الحرب- أخطأوا في تفسير الوقائع، وراحوا يخلطون بين التاريخ والمؤامرة، فزعموا لأنفسهم وللناس أن قرار الحرب مسرحية متفق عليها".

وتابع: "وهذا، على وجه الخطأ، ليس مجرد خطأ في التفسير، وإنما هو أيضًا سوء نية في التأويل، يستسهل نظرية المؤامرة لتبسيط ما يستعصي على الفهم بالتحليل".

وواصل: "الحقيقة أن قرار الرئيس السادات بالحرب كان قرارًا حقيقيًا وأصيلاً، والغريب أن يخطر ببال أحد أن عمليات قتال بالنار بين جيوش جرارة في البر والبحر والجو يمكن أن تكون مؤامرة محبوكة".

وأشار إلى أنه من تجاهل طبائع الأمور أن يُرد على الظنون بأن إسرائيل، التي تقيم دعائم نظرية أمنها على قوة في الردع غلّابة وقاهرة، تقبل أن تدخل في ترتيبات من شأنها أن تضع الجيش الإسرائيلي، ولو لأيام أو حتى لساعات أو دقائق، مكشوفًا أمام خطر إذا لم يؤثر على قدرته، فإن تأثيره على سمعته محظور غير مقبول.

وأكد "لقد استدل أنصار نظرية المؤامرة على صحة نظريتهم بأن الولايات المتحدة كانت تريد الحرب، وأن هنري كيسنجر قال علنًا إنه لا يقترب من الأزمات إلا إذا كانت ساخنة، لأنه حينئذ تصبح ناضجة".

واختتم: "هذا كلام لا يمكن رده ببساطة إلى مؤامرة، ذلك أنه كان بين الأمريكيين من توقّع، أو حتى رأى أن الأمور بالضرورة سائرة إلى قتال، لكن ذلك كان تقدير موقف، وليس ترتيب مؤامرة".

أخبار ذات صلة

0 تعليق