04:01 م - الأربعاء 8 أكتوبر 2025

يشهد سوق الذهب العالمي موجة ارتفاعات غير مسبوقة، بعدما تجاوز سعر الأونصة مستوى 4002.95 دولار للمرة الأولى في تاريخه، ما يعكس حالة من الزخم القوي في الطلب على المعدن الأصفر. وتستند هذه القفزة التاريخية إلى ثلاثة عوامل رئيسية تقود الأسعار نحو مستويات قياسية جديدة.

1. توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية

تترقب الأسواق قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن تخفيض معدلات الفائدة، وهو ما أدى إلى تراجع الدولار أمام العملات الأخرى، وزيادة جاذبية الذهب كأصل استثماري بديل. فكلما تراجعت الفائدة، انخفضت تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، مما يعزز الإقبال عليه من قبل المستثمرين الباحثين عن عوائد آمنة.

2. احتمالات الإغلاق الحكومي الأميركي

تزايدت المخاوف في الأسواق من حدوث إغلاق حكومي في الولايات المتحدة نتيجة الخلافات السياسية حول الموازنة العامة، وهو ما يُضعف الثقة في الأداء الاقتصادي الأميركي على المدى القصير، ويدفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الأصول الآمنة مثل الذهب. وتعد هذه التطورات من أبرز العوامل الداعمة لاستمرار ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة.

3. تصاعد الاضطرابات الجيوسياسية

يشكل التوتر الجيوسياسي عاملاً جوهريًا في دفع أسعار الذهب، إذ يُنظر إلى المعدن الثمين على أنه الملاذ الآمن في فترات عدم الاستقرار. وقد ساهمت الصراعات الممتدة في أوكرانيا واستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة في تعزيز الطلب العالمي على الذهب، ما رفع أسعاره إلى مستويات تاريخية.

البيئة الجيوسياسية والاقتصادية غير المستقرة دفعت العديد من المصارف المركزية حول العالم إلى زيادة مشترياتها من الذهب بشكل ملحوظ خلال الربع الثاني من العام، لتصل الكميات إلى 1249 طنًا، مسجلة نموًا بنسبة 3% مقارنة بالعام السابق. ويأتي ذلك في ظل سعي الدول لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار وتقليل المخاطر المرتبطة بالتقلبات العالمية.

كما شهدت صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب تدفقات قياسية، مما زاد من قوة الزخم السعري ودفع المستثمرين الأفراد والمؤسسات إلى تعزيز مراكزهم الاستثمارية في المعدن الأصفر.

ورغم النمو القوي في الطلب الاستثماري، فإن الارتفاع الكبير في الأسعار أدى إلى تباطؤ مبيعات الذهب المشغول والمجوهرات في عدد من الأسواق، خصوصًا في آسيا والشرق الأوسط، حيث باتت الأسعار المرتفعة تحد من الإقبال الاستهلاكي مقارنة بالسنوات السابقة.

لم يكن الذهب وحده هو المستفيد من موجة السيولة العالمية، إذ حققت أيضًا أسواق الأسهم العالمية وعملة البتكوين مستويات قياسية جديدة، ما يشير إلى أن المستثمرين يتجهون نحو تنويع محافظهم الاستثمارية بين الأصول الآمنة والمخاطر في الوقت ذاته، مستفيدين من وفرة السيولة في الأسواق المالية العالمية.

الارتفاع القياسي في أسعار الذهب يعكس تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي على المستوى العالمي. ومع استمرار توقعات خفض الفائدة الأميركية وتصاعد المخاطر السياسية، يبدو أن المعدن الأصفر سيظل أحد أهم الملاذات الآمنة في المرحلة المقبلة، مدعومًا بطلب قوي من البنوك المركزية والمستثمرين الدوليين.